رابطة العصبة الحداثية الأدبية

جانفي 7, 2009

لم يطرقها فحل ..

1

قال لي الرفاق : ” يجب أن تكون الأضحية أنثى , لحمها طري ومذاقها مختلف , وتخير لنا جذعة لم يطرقها فحل ” .

2

عندما ولجت المطبخ , وجدت رجلاً مهيباً يجلس على كرسي خشبي ,و أمامه طاولة حديدية قديمة . كان ملتحياً بيده مسبحة , ونظراته صارمة . بادرته بالسلام ورد التحية مشيحاً بوجهه عني و مشيراً بيده للبعيد ومتمتماً : ” شوف الولد اللي واقف هناك بآخر الصالة ” .توجهت له فوراً , وأخبرته عن ما أفكر به , وذكرت له أوصاف الأضحية التي أحلم بامتلاكها , تبسم لي وطلب مني مرافقته للداخل .

3

بعد أن وصلنا هناك , أشار مرافقي لثلاثة أبواب , معلق على كل واحد منها ورقة مطبوعة , مكتوب فيها وبخط واضح ما يشي بما يوجد خلف تلك الأبواب المغلقة .

بالنسبة لي كان تركيزي على القسم الثالث , فأنا لا أبحث عن ذبيحة للثلاجة حتى أحصل على واحدة صغيرة , ولم أكن أفكر عملياً كما يفعل بعض المدبرين حين يختارون مسنة للضيوف , تملأ الصحن و تستعصي على من أراد أن ينال من لحمها , كل ما كان يشغلني هو الحصول على أضحية تتفق والشروط الشرعية , و تنسجم مع شرط الرفاق , فلم يكن يدر بخلدي أن أهدي منها شيئاً .

4

لفت نظري في وسط ذلك ( الحوش ) الواسع , أنثى قسيمة , ريانة , لا تميل إلى السمنة المفرطة , عندما عسست بيدي مؤخرتها كانت تشي بالشحم , وكانت بشرتها الطرية وملمسها الرقيق هما ما تخيلت , ويداها وفخذاها مكتنزة باللحم , ولم أكن في حاجة لدليل آخر , على أن هذه الجذعة هي المطلوبة , الأضحية المناسبة , والوليمة المنتظرة .

قلت لمرافقي : ” أعتقد أني وجدت مرادي , ولم يبق غير أن نتفق على السعر ” .
– ( شوف الوالد ) , نحن لا نقطع أمراً دونه .
– كم ثمنها على وجه التقريب .
– هذه لم يطرقها فحل , ولم يفسدها جماع , ومثلها ثمنه غال , ولو أردت مسنة لحصلت عليها بالسعر الذي تريد , فذوات الأسنان ذوات لحم قاس ومذاق مر , وهذا لا ينطبق أبداً على تلك التي عاينتها قبل قليل .

5

كنت أغادر المطبخ وهي بيدي , لم أكن بحاجة لربطها , جعلتها بجواري , مستمتعاً بمظهرها الفاتن وملامحها الآسرة , منتشياً بملامستي لكل منطقة طرية في ذلك الجسد الغض , سعيداً بقربه حتى أني سألت نفسي متعجباً عن تلك الفحول الغبية التي لا تعرف ما يصلح من الإناث للوطء !

كنت سعيداً وحزيناً في نفس الوقت , هذا التجاذب بين مشاعري في تلك اللحظة كاد أن يدفعني لإعادتها واستبدالها بأخرى أكبر منها سناً . لم يمنعني إلا خوفي من أن يكتشف الرفاق ذلك , فهي على العموم كانت ” أنثى الأضحية ” , تلك الأنثى التي لا تصلح إلا لطقس ” الذبح ” .

كانت صامتة كصخرة جامدة , ملامحها كانت لا تعبر عن أي شيء , سوى ضوء خافت , نور باهت على وشك أن ينطفئ .

6

عندما كنت أهم بوضع رأسي على وسادتي في تلك الليلة , لم يستطع مذاقها الحلو أن يغادر فمي , كانت لذيذة بشكل يصعب وصفه . انتشى الجميع بتلك الوليمة الفاخرة , حققنا الطقس كاملاً , التزمنا بشروطه , ولم نرم منها إلا قلبها و ذلك الرأس , فرأس الذبيحة لا يروق لكثيرين ويجدونه منغصاً للذة وعسيراً على الهضم .

لا زلت رغم ذلك أتعجب من استسلامها لنا , مع أنا كنا اثنين عند تنفيذ عملية الذبح – أحدنا وضع قدمه على يديها وشدها بشعرها لتهيئة الرقبة للسكين , والأخر ثبت قدميها – إلا أنها لم تتحرك البتة , لم تقاوم ولم تصدر صوتاً , كانت تنظر للبعيد وابتسامة ذابلة ترتسم على شفتيها , كانت مستعدة أكثر منا للطقس , راغبة في الخلاص , ومشبعة مثلنا بالنبؤة القديمة .

7

جرى كل شيء كما اشتهى الرفاق , كانت الأضحية أنثى كما هي العادة , لحمها طري ومذاقها مختلف , وكانت جذعة لم يطرقها فحل .

2005م

أنثى سرير.. قصة قصيرة ..

أنثى سرير

تحذير لابد منه:

(هذا نص غير صالح لسكان يوتوبيا , و عشّاق حذاء ساندريلا)

++++ رأس محمد/غرفة الاجتماعات ++++

ألتفت و أنا أنظر بملل في الوجوه على الطاولة المدورة, أو الدائرة المطولة,كل شخص مدفون في الكراسي هنا, له سلطة, و كيف لا ؟ للصحفين قوة تهز الأمكنة و الناس على مر الأزمنة! وجوه خشبية بلا ملامح! أشعر أحيانا اني الوحيد بينهم بأنف , بفم , ربما لأني الوحيد الذي يتثائب و يتأفف و يقلب عينيه و يتنفس! لا أعرف إن كانوا يتنفسون مثلي ؟!متى ينتهي هذا الاجتماع السخيف!, فهمنا يا سيادة مدير التحرير الموقر تريد أن تبتلع المزيد من الأموال , تزيد من قيمة المجلة البائسة على حساب ظهورنا , كلام مكرر, أووووووف كم أحتاج لإجازة أرتاح فيها من صوتك, يا سعادة المبحوح!لو إستعان بتسجيل لكان رحمني من نظرات التوبيخ!

أعرف انه ما أن ينتهي الإجتماع ,سيرفع السماعة و يرفع تقرير تأففي للسلطات العليا/ابي.

– محمد؟ أنت معنا ؟ عزيزي إذا لا يعجبك الاجتماع بإمكانك الإنسحاب! نحن لا نلهو هنا ..أحتاج لانتباه كامل! لدينا خطة تسويق جديدة للمجلة. لا أظن أنك سمعت منها شيئاً!

– العفو يا سيدي أنا ُكلي آذان صاغية,

– تعمدت أن أجمعكم جميعا في إجتماعنا اليوم ….

أسطوانة سعادة الثوب الناصع!

==

انتهى الاجتماع المكرر

و كالعادة لم أفهم شيئاً!, و لا أريد أن أفهم حتى,

أكره الروتين , و هذا السيد المنمّق , يعيد إسطواناته حد الملل !

يكرهني أشعر بذلك. و أكرهه و أظنه يبقيني قربه فقط , من أجل خاطر والدي الــــ…

– أستاذ محمد , بريدك..

– شكراً

فاجأتني السكرتيرة ,وأجبت دون رفع عيني .

البريد اليومي, مراهقات , يعشقن انعكاسي المنشور في آخر صفحة من المجلة, يعشقن شكلي , و اسمي , و الكلام الفاضي الذي أكتبه!

و آآآآآآآآآآه ,

ما ألعنكن من نساء !

تعرفن من أين تؤجج الرغبات , يالرائحة هذا الظرف ,

امممممممم تفوح منه رائحة عطر فرنسي مميز,

حسناً ماذا تريدين يا ترى؟لحظة عبور ..؟

سرير يضمنا قريباً؟ ,, هذا الأسبوع بالكثير.؟!

من تختار عطراً كهذا يجب أن يضمها سريري عاجلاً!

(والله لو شينة)..!

++++ رسالة/عطر ++++

بسم الله الرحمن الرحيم و به أستعين,

لن ُأطيل المقدمات , لدي قصة , أنشرها إن شئت , و إن لم تشأ ارمها عرض/الزبالة

فأنا لم يعد يهمني لا عرض/و لازبالة!

فأنا بحكم الأخيرة حالياً و أنا ممددة على هذا السرير و مقيدة بغرفتي , بعد أن طحنتني حكايات الأشياء و الأجساد التي مرت بي!

لا أعرف كيف ابدأ , التنميق و التنسيق هو عملك لا عملي انا , سأكتُبني بصدق فقط,,! فانا أحتاج للفضفضة, و أنت تحتاج لقصة.

++++ رسالة/استدارة ++++

يا أستاذ محمد أنا أنثى في العشرين ,كنت طفلة أذهب للمدرسة و ألعب بدمى أرسم لهم في مخيلتي الصغيرة قصص و أقصقص لهم من ثيابي فساتين عشوائية و ملونة, كبرت وبدأت أصبح ذات جسد ذو ملامح, حال كل أنثى على وجه البسيطة!

و لا أعرف أي ذنب اقترفته بنهديّ أو باستدارة فخذيّ!

منذ بلغ جسدي, امتهنتني الخطايا…. و كأن بنمو أعضائي, نمو لذنوبي /عهري!

كبرت في منزل كبير و فخم جداً,فيه كنت أرى عمي أحمد , و عمي حمد , و عمي محمد , و عمي عادل , و عمي فلان و عمي علان..!

كلهم أعمامي و دائما منزلنا يضج بهم!

كل ليلة عم جديد,أسلم عليه و كل يوم يلبسني أحدهم في رقبتي عقداً جديد , ساعة غالية, حزم نقود لا أعرف كيف أعدها حتى,يرشوني بها لأنشغل عن جلساتهم.

كثيراً ما سألت نفسي و أمي من أين لأبي كل هؤلاء الإخوة ؟

و ترد علي بخرس ! و إبتسامة ذات زاوية حادة!

و مرة بعد اكتمال أنوثتي , و كنت عائدة من مدرستي ,

فتحت باب المجلس لأُسلم على عمي أبومحمد فقد لمحت سيارته خارجاً.

وابومحمد هذا كان أكثرهم إغداقاً علي بكل أنواع الهدايا ,

كان يجلس على الارض متربعاً و في حضنه سيدة المنزل!

أصابتني صدمة , تشبه سريان الكهرباء في أوصالي! لا أعرف الكثير في هذه الدنيا و لكن أعرف ان هذه صورة مقززة كفاية وُِشمت في ذاكرتي و ستبقى طويلاً.

لا أعرف ماذا حدث بعدها! و كيف اقنعتني أمي بأن مايحدث طبيعي!

و لا أعرف كيف انتهيت أنا أتجول في سيارة أبومحمد دائماً, و لا كيف تجول هو في جسدي أول مرة,

اخترقني بوهن ! بالكاد شعرت به! و لم أشعر به رغم ذلك!

تحتاج لتفاصيل أكثر؟!

لا أظن

و لكن أظنك تحتاج لأن تعرف أني منذ ذلك اليوم و بعده بسنوات طويلة , لم أكن أعرف معنى “حاجة وجوع”!

كنت أشعر أني يجب أن أكون كالسرير الذي أنام عليه! أخلع ثيابي/……./……./أراقب هزات السرير/ألبس ثيابي /أقبض

و أراقب إبتسامات الرضى لأنهم عبروا جسد أنثى تتفجر أنوثة مثلي ,حتى ولو لم أتجاوب معهم.

كنت أنثى/طفلة لا أعرف شئ ,لا أعرف شئ!

++++ مكتب محمد ++++

– محمد هييييييييييييييييييي .. ماذا تقرأ؟ ها دعوة حمراء ؟ سنتعشى الليلة؟

– بهدؤ أخرج و أغلق الباب , و أطلب من سكرتيرتي عدم إزعاجي رجاء ..

– محمد , تنوي الخيانة؟ ستنفرد بها لوحدك! طيّب “من قدك يا عم”..

و أمسكت برسالة هذه الـــ ….. مرة أخرى بين يدي , بعدما سقطت في حجري لحظة دخول صاحبي/الدفش/ لا ادري لم شعرت بلهيب أنوثتها تحرق كفي تلك اللحظة.

++++ رسالة/عهر ++++

ابومحمد ,لم يكتفي بأن جعلني دميته بل وزعني بإتقان و حرفية بين أصحابه

و بعدها صارت لي الصلاحية أن أختار لوحدي.

تعلمت أن أختار منذ وقعت عيناي على عبدالله, في سهرة لأحد المتخمين و الخارجين عن نطاق الخدمة الجسدية! ممن يقيمون سهرات فقط لأجل إرتكاب صلاحيتهم المنتهية برغم تجرعهم للحبات الزرقاء العظيمة و المقويات ! ولا فائدة.

لفت إنتباهي في عبدالله شكل عينيه,وسامته,سمرته,تناسق جسده,شعرت تلك اللحظة بأنه يجب أن يكون لي!

نفضت جسدي من غبار العجوز الذي كنت في حضنه , و ذهبت بإتجاه عبدالله و ارتميت في حضنه بغنج و جوع ,نعم! جوع! شعرت به لأول مرة تلك اللحظة!

وكان لي, رغم سخط(معزبه الأكبر),الذي كان أولى بي منه!لأنه كان دفع مقابل خدماتي.

لا أدري لم شعرت إني يجب أن أبقى معه فقط, و فعلاً قطعت علاقتي بـ كل/مرتكبيني , و كنت ذنبه هو فقط.

دعني أحدثك عن عبدالله قليلا : كان يعاملني بلطف و عمق , كنت أشعر معه و كأني جدار شفاف ينظر من خلالي ,……….لكن لأخرى!

لم يتكلم معي عبدالله أبداً! كنت أنا التي أحدثهوهو ينصت فقط! و كأنه آله إنصات فقط.

ثرثرت معه كثيراً , أخبرته كيف إني لم أختر هذا الطريق , كيف إني لا أعرف لم لا أشعر بالراحة ولا بالحاجة إلا معه,

كيف إني فقدت كل الأحاسيس في لحظة رأيتها في حضن /بومحمد, كيف إني أحقد على والدي /الكلب الذي تزوج من أخرى و أنجب ابناء و …… نساني!

و عبدالله , صامت فقط!

لا أخفيك و أظنك ستفهم إني شعرت بالملل منه و رجعت لحفلاتي , و صخب حياتي

أنا أستحق شئ أفضل, و لأني أحببت أن أكون لــــ /شئ واحد , قررت أن أختار ,آخر بإختصار لم أترك فرصة لتاجري/بومحمد أن يختار لي.

و كان أحمد هذه المرة.

أحمد بعكس عبدالله , كان ثرثار , يتحدث بي و معي و يفكر معي بصوت عال, حتى و هو يعبث بي لم يكن يصمت!

يتكلم و هو ……..يفكر! و هو……… يرسم قلبا! و هو يحفر حرف حبيبته….بدمي!

وهو يخبرني عن خططه لمنزل يحتويه هو و حبيبته ,عن الأسماءالتي إختارها لأولاده ,

لم أكن اشعر بالغيرة لأني لا افهمها و لا أشعر حتى انها من حقي

و لكن شعرت بحقد عليها و حزن عليّ!

++++ قهوة باردة/محمد ++++

وضعت الرسالة فوق طاولتي بهدوء و نظرت بعمق لفنجان القهوة البارد الذي لم أعرف متى و من وضعه!

ما هذا؟ ماذا تريد هذه مني؟

عددت الصفحات , كانت 9 طويلة, كتبت بخط أنيق و متوتر , بصراحة شعرت بضيق!

أغلقت عيني للحظة و أنا أفكر/و إن كانت عابرة سرير.. أيعطيها هذا الحق بأن تعلنها هكذا!؟

ماذا تريد يا ربي؟!

عبثت بأصابعي بعيداً عنها لدقائق لم أعدها , و أمسكتها مرة أخرى , هذه المرة شعرت بالقرف و أنا أمد أناملي لرسالتها, و لا زالت رائحتها المغرية متشبثة في كفي.

++++ رسالة/ عاهرة السجود ++++

رجال كثيرون عبثوا بي يا أستاذ محمد, أتعرف طبيبي الذي يعالجني الآن يوليني عناية خاصة و يمر علّي يومياً, يمر أي يمر!

يمرر أصابعه القذرة علي!

يتحسس مالا علاقة له بمرضي!

يتحسسني أشعر به يكاد يمزق ثيابه و ثيابي,يريد أن يأكلني, و أنا… أتعلم؟

لا أحرك ساكناً لسببين:

لا أحد يهتم بي غيره و…. لأنه لا بأس ! كثيرون مروا على ثيابي, على جسدي

و أنا لم ألملم نفسي ولا ثيابي !

, كثيرون جاءوا أخذوا قطعة مني و رحلوا,

و بقيت وحدي في نهاية سريري!

………………………………………….ع لى ذكر لم يعلمني أحد,

أتعرف إني لا اعرف كيف أصلي؟ برغم إني أُتقن السجود!

++++ دمعة/محمد ++++

عاهرة و تفكر بالصلاة!

ضحكت حتى دمعت عيناي!

++++ رسالة/لم يعلمني أحد ++++

و خالد, كُدت أدمنه ,كنا نلتقي كثيراً ولا ينبس بكلمة حتى زفيره,

لحظة/التحليق يكتمها. و لكني أستشعرها في عضلات صدره ,

يريدني و أُريده جداً و لكنه مثل عبدالله , و أنا لا أريد أن أمله لذا قررت أن اخبره بنقطة النقص الوحيدة في علاقتنا/صمته,

و حدث بعد لحظة/كرسي سيارته,حاولت إستنطاقه, فبكى!

بكى على صدري كثيراًو لكنه لم ينطق بكلمه!

كأنه يعاقبني شهقني و زفرني و كموج يتكسر على تضاريسي, عرفت أنها المرة الأخيرة …

و دون أن التفت ورائي نزلت من سيارته و رحلت!

مجانين/عابرون كثر , أذكر عبدالله ,

لا لا لا , ليس عبدالله ذاك, هذا عبدالله آخر ,

و ماذا إن تكررت الاسماء؟!

كثيرون هم, و طبيعي تكرر أسمائهم,

أتعرف من كثرتهم كنت أناديهم بـ/حبي/حياتي/عمري, حتى لا أخطئ مرة و أناديه بإسم آخر.

حدثت مرة مع صالح/أظن أسمه صالح ,

كنا معاً في لحظة و لا أروع,و أنا في ذروتي لا أصمت ,

استجديه أن يطبق عليّ بقوة و أكثر و….

– علي , أكثر,,

توقف! و نظرت في وجهه ربما/إنحناءة مختلفة!

و جهه كان جامد, و قال :

– نيلى ,أنا صالح!

تركني في أوج فراشي و رحل!

,

اووووه لم أعرفك بنفسي, لن أعيد قراءة ما كتبت و لكن أظن إني لم أُعرفك عليّ بعد,

أهلاً أستاذ محمد, أنا نيلى,

و لا تسألني ماذا يعني إسمي فأنا , لم يعلمني أحد!

++++ محمد ++++

لنا القرف يا عديمة الشرف!

++++ مدرسة/نيلى ++++

لم يعلمني أحد, كررتها كثيرا ,, أعرف ستقول في داخلك لمَ لم تتعلمي؟

كيف سأتعلم بالله عليك؟

أنا خرجت من مدرستي و كنت أحبها و لكن لم أشعر انه أحبني فيها أحد!

لم يكن لي صديقات , حتى معلماتي برغم محاولتي إستمالتهن بكل أنواع الهدايا التي أصنعها بيدي الصغيرتين او التي تشتريها لي أمي و الورود, كنت أشعر انهن لا يحبنّي ,

و حين تأتي أمي لزيارتي كن يتهامسن كثيرا و حين كنت أمر أمام غرفة المعلمات كنّ و كأنهن يتعمدن أن أسمعهن :

(شفتي أهي دي بنت الـــــ ) ,(باين عليها من صغرها حتطلع زي أمها),……..

كلمات كثيرة كنت أسمعها لم أفهمها إلا فيما بعد, حين كبرت و اصبحت مثلها!

++++ محمد/شهوة ++++

– أستاذ محمد, إنتهى وقت الدوام من نصف ساعة , و لا أدري إن كنت تحتاج لشئ؟!

– ياااه , سامحيني يا سارة لم أنتبه للوقت , أعتذر لأني أخرتك للآن, إذهبي سأُغادر أنا أيضاً.

– دون أن تسلّم مقالك و ُتنهي عملك؟!

– لن يطير العمل! سيبقى فوق ظهري و ظهركِ.

ظهركِ! ما أغباني, هل هذه كلمة ُتستخدم في مكان عمل!

يا لحمقي!

لم ُأعيرها إنتباه حتى لا تشعر إني قصدت أن أقولها خاصة و إني لاحظت تسمرها حين نطقت بالكلمة هذه,

و هي التي تحاول بكل أنواع عطورها و زينتها و ثيابها و العباءة التي تضيق عند خصرها و الحجاب الذي كثيرا ما يسقط/عمداً ,

و نظرة عينيها الجائعة و التي لا تخطئها عين خبير نساء مثلي,

و أنا مدعّ المثالية ,

يا خيبتي!

لا أستطيع أن أزامل زميلتي/سكرتاريتي في سرير واحد!

رغم أنها كثيراً من جلست في حضني على الكرسي ,

و اهترأت طاولة مكتبي من إستخدامنا اليومي عليها و , هنا مزقت ثيابها الضيقة ,

و هنا و نحن واقفين وراء الباب ,

و هنا و هي تراقب الباب من فتحته الضيقة,

كل هذا و أكثر تذوقت أنوثتها التي تغريني بها و ُتلفت إنتباهي لها كلما رأتني في مكتبي !

كل هذا و أكثر كان في مخيلتي فقط!

لملمت أشيائي و خرجت بسرعة, و حمرة تعلو خدي!خفت ان تنتبه لرغبتي!

لم انسى رسالة /نيلى و لكن تناسيتها عمداً ,

لا أشعر إني ُأريدها أن ترافقني كشُبهة في سيارتي أو أن تدخل منزلي و تشاركني غرفتي و أريكتي و تلوثني!

و لم أستطع تخطي الباب!

شعرت بها تستنجد بي! و أنا رغم كل شئ , رجل لا يستطيع في المواقف الصعبة خذل إمرأة , و أنا حتى الآن…..

لم أفهم ماذا تريد هذه النِيلة/نيلى مني!

لملمتها على عجالة استنشقت عطرها الأخاذ, يا ليتها لم تكن عاهرة!

لكنت شممت الليلة العطر من نحرها.

………………….

ركبت سيارتي و أنا أفكر:

و ضحكت!

ضحكت كثيراً

أوليست النساء اللاتي أشمهن , و أضمهن و مثلها!

كلهن نيلى!

الفرق ربما أنها تعترف و هن شريفات في أعين أنفسهن, رغم انهن مرة في سريري و بعد دقائق في سرير زميلي.

حسناً يا نيلى! ها أنت تنالين إحترامي للحظة!

وصلت المنزل , خلعت ملابسي , وقفت تحت الماء و لا أدري لم شعرت انه يجب أن أستحضر نيلى فوراً , إن لم يكن في السرير فعلياً , ستشاركني لحظة الدش هذه , تأججت بها منذ أول شمة لعطر رسالتها!

مراهق؟ ابتسمت بزاوية سخرية من نفسي للحظة!

لا بأس أحتاج أن أمارس مراهقتي هذه اللحظة,

و سأمارسها بلطف و بعنف و سأشم جسدها,

تعالي يا نيلى انتِ لي هذه اللحظة!

لذيذة جداً يا نيلى ,أتعبتني التفاصيل التي ذكرتها ,

تعالي يا نيلى ضميني , تعالي يا عاهرتي الصغيرة,

أستدارتك , مثلثك المنهك , سأجعلك تدمنين رجولتي,,

,,,,,,,,,,

أستحضرتها بكامل أنوثتها ولا أروع لكن … بدون ملامح بدون وجه!!!

و شعرت بخسارة لفقد أبنائي الماء الذين عادوا هدراً مع الماء!

لربما كان بينهم وسيم و بطل يشبهني !

لبست ملابسي و إبتسامة إنجاز و رضى تغزوني بشكل غريب!

خرجت من غرفتي و أنا أبعث قبلة إمتنان في الهواء لرسالة نيلى! و كأنها تجلس هنا, و ابتسمت لها إبتسامة خبيثة قبل أن أنضم لمائدة الغداء

جلست بعد إداء طقوس الإحترام لوالدي الموقر.

لوالدي هيبة لا أفهمها ,أشعر ان النور يشع منه بطريقة جميلة , هو و لحيته البيضاء المتدلية على صدره ,لا أذكر إني رأيت أبي يبتسم , كان دائما يلبس ثوب الجدية معنا,

اتساءل بيني و بيني إن كان يضحك او يبتسم مع من يجالسهم في عمله و خارجه,

أحبه كثيراً و لا أتخيل رغم ضعف حبال التواصل بيننا حياتي بدونه,

اليوم يبدو حزيناً و قلقاً .لعنة الله على العمل و الوزارة التي يعمل بها, سرقت مني نور أبي لأسابيع مضت و اليوم أيضاً.

جاءت أمي تحمل صينية الغداء,

و أخذت انظر إليها بطريقة أخرى اليوم!

أمي الحبيبة, الساكنة ,

أحيانا أشعر إنها مجرد رحم أنجبني و ثدي أرضعني ,

و شئ احتوى والدي لمدة من الزمن,

لا أذكر حتى متى كانت تضمهما غرفة واحدة و انا اكبر!

وجدتني أمرر عيني على جسد أمي بالكامل , من هذا الحجاب الذي يحيط برأسها و حتى أخمص قدميها العاريان,

و أخذت اتسائل:

أمي هل هي كما تبدو؟

هادئة, و ديعة , صامتة,طاهرة؟

هل خانت أبي يوماً؟

هل مر على جسدها غير أبي؟

,

,

,

كدت أختنق , و أنا أحاول أن أبلع ريقي!و أستعيد ترتيب أنفاسي,كيف غزت هذه الأفكار رأسي!

استغفرك ربي,

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم!

عليكِ اللعنة يا نيلى!

عليكِ اللعنة!

جعلتِني أشك حتى في طُهِر أمي!

أكلت على عجالة وأنا أشعر بالذنب من أفكاري الأخيرة,

انهيت غدائي و جلست أشرب قهوتي مع والدي,

حين رفع رأسه دون أن ينظر إلى وجهي:

– محمد , أبوعادل يشتكي منك!يقول أنك تقلل من إحترامه في العمل.

يا ولدي أن يكون صديقي , لا يعطيك هذا صلاحية التقليل من إحترامه أو عدم أخذه بجد,

لا أحب أن تخيبني, انت ولدي الوحيد , و لا أنتظر منك بالذات أن تخذلني أمام الرجال .

– والدي , أطال الله في عمرك و أبقاك , أنا لم ُأقلل من إحترامه , و لكنه متطلب و ..

– إن لم تعجبك وظيفتك غيرها ,أنا بدرجة وزير يا إبني! و انت تفهم ذلك, أستطيع أن أخلق لك وظيفة من تحت الأرض!

…. أحبه و أحترمه , و لكن أن أعمل تحت عينه! هذا موضوع خلافنا الأول و الأخير أنا وهو….مستحيل!

انهيت الحوار بوعود حفظتها غيباً حيث إني اكررها بين حين و آخر, و عدت لــ نِيلتي اللعينة!

أخذت باقي الرسالة و كأني أعصر رقبتها بين يدي..

++++ حـــب/نيلى ++++

كثيرون حولي كانوا يتكلمون عن الحب,

أنا لم أعرف حباً غير حب/الفراش, و لا أذكر ان أحدا ما أحبني ,

إلا حسن, كان تلميذاً عرّفني عليه أحد اصدقائه ذات حفلة ,كان برئ ,

ليس برئ تماماً فبعد سرير معه حدثني عن تجاربه الأولى,

و كيف أن خادمتهم الآسيوية ذات الجسد الضئيل كانت تتسلل إليه تحت لحافه , علمته كل ما يعرفه , وبعد عدة مرات أصبح عشيق الخادمات الأول في حارتهم, كلهن يخاطِبن ودّه من أجل لحظة لذة!

أي إني كنت تجربته العربية الأولى!

حسناً بعد تفكير , هو ليس برئ تماماً و لكنه دافئ كثيراً!

كثيرون حولي كانوا يتكلمون عن الحب,

أنا لم أعرف حباً غير حب/الفراش, و لا أذكر ان أحدا ما أحبني ,

إلا حسن, كان تلميذاً عرّفني عليه أحد اصدقائه ذات حفلة ,كان برئ ,

ليس برئ تماماً فبعد سرير معه حدثني عن تجاربه الأولى,

و كيف أن خادمتهم الآسيوية ذات الجسد الضئيل كانت تتسلل إليه تحت لحافه , علمته كل ما يعرفه , وبعد عدة مرات أصبح عشيق الخادمات الأول في حارتهم, كلهن يخاطِبن ودّه من أجل لحظة لذة!

أي إني كنت تجربته العربية الأولى!

حسناً بعد تفكير , هو ليس برئ تماماً و لكنه دافئ كثيراً!

++++ محمد ++++

يا نيلى! كُنتِ ُمتعتي قبل قليل.

لماذا ُتصرين على إرساخ صورتك الآثمة في ُمخي!

مستواكِ و مستوى الخادمات واحد!

يا قذرة!

++++ زواج/ نيلى++++

أَحبَني , أو هكذا ظننت لذلك و رغم إني فوجئت إلا اني وافقت على الإرتباط به حين طلب مني ذلك!

سأتزوج!

و ستتغير حياتي ! سأكون لرجل واحد! و بالحلال .

سأتوب!

سأعتمر و سأذهب للحج عسى أن يغفر الله لي ذنوبي!

لا تستغرب يا أستاذ محمد.

رغم إني أجهل أموراً كثيرة , إلا إني أعرف إنه في داخلي أريد أن أكون مختلفة.

أريد أن ُأصلي

(لتسخر معي لحظة, أبو محمد بعد كل عبور بي , يستحم و يصلي!!!!!!!!!

أتظن أن الله يتقبل صلاته؟؟!!!!!

لا أعلم كثيراً في هذه الأمور, و لكن أعتقد أنه يظن أنه يخادع الله!

أذكر أن معلمتي قالت أن الله يرانا ولو أختبأنا تحت السرير,

………………………………………….. …………………….. فما بالك لو كنا فوقه؟!!!!!!!),

تمنيت كثيراً أن أكمل تعليمي و أتخرج من الجامعة ,

فأنا و رغم أن كثيرات من زميلات المهنة/جامعيات و لا فخر ,

إلا انهن لو تعلّمن جيدا كان حالهن سيتغير هكذا أعتقد, أظن أن التعليم يجعل الإنسان يفكر بطريقة أخرى , ربما أرقى!

أنا راقية و جميلة , و لكن ينقصني الكثير لأتعلمه , رغم إني و بشهادة زبائني مثقفة ولو لم أكن مثقفة من الدرجة الأولى!

على فكرة أنا أُتقن لغات عديدة, تحدثاً فقط/الإنجليزية و الفرنسية و الاوردو و الإسبانية,

ولو ان الكلمات التي أعرفها لا تتعدى حدود الممارسة و الغرفة و أشيائي و أشياء زبائني الذكورية, فلكلٍ منهم مزاجه و كلمات يريد أن يسمعها لحظة الفراش و أنا أخدم زبائني جيداًو أحب أن ارضيهم بأي لغة يشتهون.

++++ محمد ++++

يا مثقفتي العارية! ليتك تخدميني!

الغريب إني أنفر منها للحظة , و اشتهيها في اللحظة التي تليها!

ماذا تريدين يا نيلى؟

++++ توبة/نيلى ++++

اريد أن أعتمر و أحج ,

قالت لي زميلة مهنة ذات مرة أنها ستحج بعد سنة قالت لي أن من يحج يغفر له الله ويكون لديه مجال ً لتغيير حياته و أن من يحج يعود و كانه طفل من جديد ,و أنا أريد أن أولد من جديد!

بضفائر لونها مختلف! و بجسد أقل أنوثة, ولن أسمح لأحد أن يلمس جسدي أبدا!ربما أريد أن أولد من جديد, أن أكون صبي!بأعضاء مختلفة! للرجال قوة لا يستغلهم أحد!

المهم زميلتي هذه,كانت تحتاج لتصرف على دراستها و على أخوتها الأيتام,

و لم يك لديهم دخل يكفيهم شر الحاجة, لذلك استكانت لمنافسة ابو محمد الأولى في مجاله/ام حمدي,

لكنها ماتت قبل تمام تلك السنة!كانت تقود سيارة أحد زبائنها مخمورة و بدون رخصة,و لاحقها شبان, ضايقوها و فقدت السيطرة على السيارة, أنحرفت بها و, تعرف القصة أكيد؟ غطتها مجلتكم, لكن بشكل مختلف!

حزنت عليها كثيراً , يا ليت عمرها أمتد على الأقل لتحقق حلمها اليتيم!

++++ محمد ++++

رحمة الله عليها! أو تجوز الرحمة على عاهــــ

استغفر الله , أنا لا اعرفها حتى!

فليرحمها الله إن جازت لها الرحمة.

++++ نيلى/ضفيرة ذنب ++++

مرة من المرات حدّثتُ إحداهن عن رغبتي في الحج و التوبة,

فما كان منها إلا ان جعلتني أضحوكة السهرة تلك الليلة,

و فكرت فيها قليلاً……

في صغري أخذني الناس بذنب/بذنوب أمي!!!!!

و لم يرحموا حتى ضفائري الصغيرة و جهلي!

هذا و كلّي ُطهر!

فكيف سيتقبلون أو كيف سيتقبلني الله؟؟؟!

و أنا كلّي ُعهر!

هل يغفر لنا الله يا محمد!؟

++++ محمد/مغفرة ++++

أخذت أقلب الفكرة في رأسي قليلاً بتناقضً, لا يا نيلى!

لا يا نيلَتي, مستحيل! فالناس لا تنسى!

أما الله ! فليغفر لنا جميعاً , كم من الذنوب نرتكب في حق أنفسنا و حقه , بلا خجل! و نطمع في مغفرته ! فليرحمنا الله!

مسكينة يا نيلَتي مسكينة أنتِ.

++++ نيلى/حلم ++++

أريد ان استقر و ان انجب ابناء , فقط ذكور, لا أريد إناث , فالإناث وقع أنوثتهن كالذنب في عالمنا الذكوري جداً.

أشعر بالذنب فقط لمجرد تفكيري بالإستقرار , أشعر انه ذنب لا حق لي إرتكابه , رغم إني إرتكبت الذنوب جميعاً و إرتكبتني!

++++ محمد/أنثى تفهم ++++

أُنثى = ذنب

هه … يا نيَلَتي , يبدو إنكِ تفهمين كثيراً رغم انك تدّعين بانكِ لا تعلمين ولم يعلمك أحد , و لم تتخرجي من جامعة تمنيتها!

++++ نيلى/ثلاثية/مرض ++++

بصراحة لم أشعر يوماً بالسعادة في حياتي , مثلما شعرت حين سمعت قرار حسن ,

كنت لا أمشي على الأرض , كنت من فرحتي ُألامس الأرض بخفة , وأعانق وجه السماء بحب و أُقبلها و أُقبّل نفسي ,

كدت أتزوجه ,

لولا أن رفض والده قراره متعللاً بوجوب تخرجه من الجامعة أولاً و صغر سنه.

و بعد قليل من/ نبش بعد فضول سكنني , عرفت أن والده كان أحد زبائني الكبار , ليس هذا فقط!

كان أول زبون أعرف من خلاله المشاركة, ليس أن يتشارك فيني ذكرين أو أكثر! بل أن أتشارك أنا و غيري /فيه هو!

أظنك فهمت! فأنت و كما أرى من مقالاتك ذكي كفاية.

هل تستغرب حين أقول لك إني أقرؤك؟

صحيح إني لم أمسك كتباً غير الكتب المدرسية و لكني أقرأ المجلات بشغف,

أحتفظ بالكثير منها ,لا أرميها , و إن كانت للناس مكتبات من كتب ,

فأنا أحتفظ في منزلي الذي أهداني إياه أحد /الكبار , هدية نجاحي في إيقاظ رجولته مرة , بمكتبة مجلات!

محمد, أنا مريضة , أُصبت بداء لا أعرف حتى اسمه , ليس إيدزاً , و لكّنه مرض آخر , ليس جسدياً حتى! كتبتها و أنا أبتسم, أعرف انك ستظن ذلك!

يقول الطبيب إني معافاة جسدياً رغم الوعكة التي ألمت بي و لأجلها دخلت المستشفى و لكنه يرفض خروجي ,

لا أدري هل يحتفظ بي ليحفظ خارطتي ؟!

أم انه و كما يقول حزينة جداً/مصابة بالإكتئاب ,

أحزن من أن أخرج لأتنفس الهواء الذي يتنفسه الناس في الشارع!!!!!!!!!

++++ محمد العاهرة ++++

رن هاتفي بإلحاح ,

– هلا يا حبي, أنا….

حبي! أصبحت مثل نيلى إذن دون قصد!

أنا نيلى بعضو ذكري و لحية! هذه ربما سميرة او نورة … نوف؟ ! لا أعرف لا أحفظ اسماؤهن, لذلك كلهن حبي! مثلك يا نيلى تماماً!

أنا عاهـــــــــــــــــــــــــر/ة إذن!

أرتبكت , كان الصوت على الهاتف يتلوى بغنج! لم أكن منتبهاً لما كانت تقوله, إلا إني شعرت اني لا أريد أن أكون نيلى!

-……. مع السلامة أنا مشغول و لا تتصلي بي مرة أخرى!

ياه يا نيلى!

فرشتها على صدري , و انا أشعر بضيقة صدر.

ضممتها و رسالتها,

كلنا نشبهك! و لكن من يجرؤ أن يحاكمنا!

نحن نحمل شهادة خبرة تعلق على ذكوريتنا بكل فخر ,

و أنتِ و من مثلك تحملن شهادات فسق/عهر/…إلخ

…………………….. و لا فخر!

++++ أنا نيلى ++++

محمد, توفيت أمي قبل أسابيع قليلة, لم أحزن عليها كثيراً, فهي كانت سبب ما أنا فيه اليوم!

على فكرة , لم يكن الغرض من رسالتي هذه أن تنشرها!

أعرف و برغم انكم في مجلتكم تبحثون عن فضائح النساء و تنشروهن إلا أن رسالتي هذه ليست للنشر! لا أعتقد انك ستقرر نشرها على كل حال! و إن شئت إفعل!

محمد , حين توفت أمي/رحت أعودها في منزلها , و أنا قطعت سبل الإتصال بها منذ أستقللت في منزل لوحدي, و لم يهمها , و لم يهمني!

علمت من أبومحمد و بعض زبائني بأنها مريضة و تسؤ حالتها يوماً بعد يوم,

ذهبت إليها و أنا احمل بعضاً من عاطفة/شفقة.

فتحت الباب و كان أبومحمد كالعادة موجود على سريرها, يمسك بيديها بحب,

و لا أدري لم تلك اللحظة زارتني نفس اللحظة/الصدمة التي عشتها من قبل,

هذه المرة بقرف أكثر!

أمي كانت تحتضر, غاب بياض لونها, و تورّد خديها, كان لها لون آخر , زاد قرفي!

ماتت امي و هي في حضن أبومحمد و أنا أجلس على كرسي في زاوية الغرفة.

كانت كلماتها الأخيرة موجهة لأبومحمد:

رفعت رأسها بوهن و أخذت تتمتم

(نيلى….

, من ظهرك!)

وشهقت شهقة أفزعتني!

ماتت.

قوادي, وضعها برفق على مخدتها وهو صامت و ساكن جداً.

صوبني بنظرة تساؤل :

) إبنتي؟!(.

و رحل!

لا أدري لم إهتم كثيراً بهذه الكلمة , فأنا أعرف انها توصيه علي من بعدها!

ربما تريده أن يزيد عدد زبائني , لترتاح روحها و لا أظنها ستجد راحة!

لم أسمع منه شئ بعد ذلك اليوم.

….

…..

محمد, أنا إبنة قوادي فعلاً,

تأكدت من هذا بطرقي الخاصة, بعد أن سكنني فضول من كلمة أمي, وزاد فضولي اختفاؤه من زخم الحفلات التي ما كان ليفوتها!

……

أختنقت قهر و غصة يا محمد!

++++ لعنة/محمد ++++

لعنة الله على أمك يا نيلى!

لعنة الله عليها و على هذا القذر فوقها!

حسبي الله و نعم الوكيل عليهما

++++ نيلى و كفى ++++

لماذا فعلت بي أمي كل هذا؟؟؟؟

حتى لو كان مجرد شك!!!!!!

كيف سولت لها نفسها أن تجعلني أفعل كل هذا؟؟؟؟

او أن يفعل هو بي كل هذا؟؟؟؟؟!

لا أعرف !!!!

ولا أظنني سأعرف!

هل كانت تعاقبه بأن جعلته يرتكبني لأبقى وشم/ذنب لن يمحى من ذاكرته أبداً؟

أو هي تعاقبني ؟؟؟؟

لا أظنها تعاقبني !!

أظنها أنجبتني عمدا! لتأدبه بي!!!

اليوم أنا متأكدة بأني ابنته..!

و ماذا بعد؟ ماذا أريد منه؟

لا شئ ,

لا شئ !

أنا حزينة فقط!

حزينة جداً

و الغصة التي تعتري حلقي.. تكاد تقتلني !

,

,

,

محمد , لم أعرفك بوالدي/قوادي!

انه حضرة سعادة الرجل بدرجة الوزير/أبوك!

أنا أختـــــــــــــــــــــــك!

و كفى!

*ملاحظة:

غداً ستصلك صورتي ,

عمداً لم أرفقها مع رسالتي هذه, تركتها ليوم لاحق.حتى تستفيق من الصدمة! أعرف انها صدمة!

لم ألتفت من قبل لصورتك و لم أدقق فيها جيداً,

غداً حين تمسك صورتي , أحكم بنفسك,

حاول أن تجد الإختلاف في ملامحك و ملامحي ,و لن تجد!

………………………………………….. …………….. الفرق فقط لحيتك!

أختك/نيـــــــلى

++++ماء/محمد ++++

أغلقت عيني بقوة,

طأطأت رأسي!

كانت السماء و الأرض تلعنني!

و حتى الماء الذي بلل رأسي قبل قليل لن يطهر جنابة ذنبي!

* تمت قصة مكررة, في شوارع ليست قريبة من السماء لكنها على الأرض جداً *

لــــــ مريم ناصر

اليتيمان ـ قصة قصيرة ـ

قصة قصيرة

.. اليتيمان ..

قلم \ ندى ..
::
::

منتصف الليل ..
تقف الصغيرة سارة خلف نافذة غرفتها تراقب المطر المنهمر ..
لطالما أحبت المطر ..
تلك القطرات المتساقطة من عيون الرباب ..
لتروي أطفال الأرض ..
تجول بخاطرها بعيدا نحو عالم آخر ..
تتذكر والديها اللذين ماتا منذ عام ..
عجبا ! إنها تتذكر يوم موتهما كأنه الأمس ..
كان ذلك حادثا مروعا ..
فبينما كان والداها عائدين من زيارة أحد أقاربهم في الريف و كانت الأمطار تهطل بغزارة ذلك اليوم ..
إذ جاء ذلك الضوء الساطع من الأمام ليعمي أباها للحظة ..
لحظة كانت كافية لينحرف عن الطريق الزلق و تسقط السيارة في القناة المجاورة ..
لحظة كانت كافية ليفر السائق الآخر و ليمحو سقوط الأمطار آثار الصراخ ..
و في نهار اليوم التالي أخرجت السيارة من الماء ..
لكن الأمر حينها كان قد انتهى ..
لا تدري سارة كيف مر ذلك العام عليها ..
إنها تتذكره فقط كلحظات عابرة تلوكها الآلام ..
إنها تعيش الآن مع خالتها التي تحبها كثيرا ..
تعود سارة إلى دنيا الواقع لترنو بنظرها إلى الشارع ..
الشارع الذي خلا تماما من البشر في تلك الساعة المتأخرة ..
ليصيــر موحشا ..
و من حين لآخر يعلو عواء قطة ضالة ..
ليمزق عباءة الصمت بمخلب أسود ..
شارع تلتمع على جانبيه أضواء المنازل ..
رجفة سرت على عمودها الفقري و هي تتخيل نفسها هناك في الخارج ..
وحيدة وسط البرد و الظلام ..
تتقاذها الأزقة يدا ليد بقسوة ..
تمعن النظر إلى الفرجة هناك بين المنزلين المقابلين عبر الشارع ..
إنها ترى ظلا لشخص يجلس هناك ..
عاودتها الرجفة مجددا ..
إنه ذلك الفتى الصغير …
كان تراه دوما في الليل يتجه لتلك الفرجة ..
يجلس ضاما ركبتيه إلى صدره محاولا إغراء دفء لا يجيء ..
و يرتجف ..
إنها تتخيل دمعة تسقط على وجهه تتلقفها الرياح ..
لماذا هو هناك ؟
وحيدا ؟
أليس له والدان ؟
هل هو .. مثلها .. يتيم ؟
و أين أقاربه ؟
هكذا فكرت سارة ..
ألا يجد من يساعده .. ؟
و يؤويه ؟
أسئلة كثيرة تزاحمت في عقلها ليذيب بعضها بعضا ..
و ببراءة الأطفال قررت سارة أن تتعرف عليه ..
و أن تساعده ..
و أسعدها ذلك الفكر فذهبت لتنام ..
………….
” لقد ذهبت ” قالها سامر الصغير بصوت خفيض و هو يرى النور ينطفئ في شرفة المنزل المقابل ..
لقد اعتاد أن يرى تلك الفتاة الصغيرة تقف كل يوم عند الشرفة ..
اعتاد أن يتأمل نظرة الحزن في عينيها ..
تلك النظرة التي لا تختلف كثيرا عن النظرة المنطبعة في عينيه هو ..
إنها يتيمة مثله .. هو يعرف ذلك ..
ولد فلم ير أمه ..
لقد ماتت أثناء وضعه و لحق بها أبوه بعد ست سنوات بسبب نوبة قلبية فلطالما كان قلبه ضعيفا ..
و منذ ذلك الحين وجد سامر نفسه في ملجأ للأيتام ..
فلم يكن له من أقارب معروفين في هذه البلدة ..
و في هذا الملجأ لاقى أنواعا أخرى من العذاب ..
بدءا من الإهانة فالضرب المتكرر و انتهاء بالحبس في غرفة مظلمة ..
كانت مديرة ذلك المكان قاسية ..
و كانت تمتلك شخصية سايكوباثية تميز السفاحين ..
كانت تتلذذ بتعذيب الآخرين ..
خاصة إذا ما كانوا معدومي الحيلة ..
مثل سامر ..
ظل لشهور يحتمل اضطهادها ..
و قسوتها .. و لكن ..
هناك دائما قشة تقصم ظهر البعير ..
كانت هذه القشة مشاجرة مع أحد الأولاد في ذلك الملجأ ، ضربه الفتى ( و الذي كان أضخم منه كثيرا في الواقع ) ضربا مؤلما ..
و هنا لم يتحمل سامر المزيد ..
و من ثم انهال عليه لكما ..
و … رأته المديرة ..
فقط ليبدأ الجحيم الحقيقي ..
ضربات لا يذكر عددها انهالت على جسده الصغير ..
و حين سقط على الأرض ..
عاد الفتى و رفاقه السوء لينهالوا عليه ركلا ..
على مرأى و مسمع من المديرة ..
و تتعالى الضحكات ..
و حينها قرر سامر أنه لا يستطيع البقاء لحظة واحدة في ذلك المكان ..
غافل الحارس و خرج ..
أطلق ساقيه للريح مبتعدا عن المكان ..
و من حينها لم يعرف له مأوى سوى الشارع ..
صادق القطط الضالة و تحدث مرارا مع القمر ..
ذلك الشيء الوحيد الذي كان يذكره بعالم آخر ..
عالم دافئ ..
و مرارا تساقطت دموعه و هو يتذكر ما حدث له ..
فقط حينما أتت تلك الفتاة الصغيرة لتعيش في البيت المقابل ..
حينها عرف أنه لم يعد وحيدا ..
و أسلمه ذلك التفكير لنوم عميق ..
……………
لطالما تساءلت سارة لمذا لا ترى ذلك الفتى إلا ليلا ؟
لكنها قالت لنفسها بأنها اليوم ستعرف ..
فقد عقدت العزم على الذهاب في تلك الليلة إليه ..
و انتظرت حتى نامت خالتها أخيرا و كانت دقات الساعة قد أعلنت الحادية عشرة ..
فتحت الباب بحذر و خرجت إلى الحديقة المظلمة كأنما أغشيت زهورها قطعا من الليل ..
تمشي ببطء شديد ..
…………….
و في تلك الليلة تساءل سامر لماذا تقف تلك الفتاة دوما عن النافذة ليلا ؟
لكنه قال لنفسه بأنها اليوم سيعرف فسوف يذهب ليطرق نافذتها و يتحدث إليها ..
و لم يكن يعرف أنها في هذه اللحظة تفتح بابها لتأتي إليه ..
سار ببطء محاذرا الاصطدام بصناديق القمامة المتناثرة هنا و هناك ..
فقط لتزل قدمه على الأرض الرطبة من أمطار البارحة ليسقط سقطة مؤلمة وسط الشارع المظلم ..
ألم رهيب يمزق ساقه التي لابد أنها قد كسرت .. يتحسسها في الظلام فقد لتخرج يده ملطخة بالدماء ..
لقد جرح جرحا عميقا ..
نظر للأرض فقط ليلحظ لمعان قطع زجاجية عليها ..
لابد أن إحداها قد انغرست في قدمه و إلا فما سبب كل هذه الدماء ؟
ألم ممض يجتاحه ..
حاول التحرك ..
سحب نفسه قليلا ..
يالقسوة الألم ..
ضوء خافت يقطع الظلمة ..
و هنا نظر أمامه فقط ليدرك أنها النهاية ..
شاحنة كبيرة قادمة بسرعة نحوه ..
و يبدو أن سائقها لا يبصر جيدا الشارع بسبب الظلام ..
أخذ يلوح بيده عله يراه فيتوقف و لكن ..
سبق السيف العزل ..
فقد اقترب كثيرا حتى إن رغب في الوقوف فلن يستطيع ..
حينها أيقن سامر أنها النهاية ..
رنا ناحية بيت سارة فقط ليراها قادمة نحوه ..
كانت قد رأت الشاحنة فأسرعت لتنقذه ..
دفعته بعيدا عن الطريق..
لكنها لم تجد الوقت الكافي لتتفادى الشاحنة ..
و انتهى كل شيء ..
…………….
منتصف الليل مجددا ..
لكن مظهر الشارع قد تغير كثيرا عن الأمس القريب ..
ففي منتصفه رقدت فتاة صغيرة تلفظ أنفاسها الأخيرة ..
و على مقربة منها فتى صغير ينزف دما و دموعا ..
جاهد لكي يقترب منها ..
نسي ألمه ..
حاول ..
حتى اقترب قليلا ..
أمسك بيدها ..
رفعت طرفها إليه و ابتسمت ابتسامة باهتة ..
ابتسامة أخيرة ..
و عاد هو يبكي دون صوت ..
إن نزفه يشتد .. و هو لا يستطيع أن يصل لأي من المنازل ..
و لم يكن من أحد ليسمع صراخه بعدما بدأت الأمطار في الهطول مجددا ..
فكر في أن يبقى حيث هو حتى يأتي الصباح ليجده أحدهم ..
و قد كان ..
ففي صباح اليوم التالى وجده سكان الحي ميتا بسبب النزف الكثير ..
و ظل ذلك الشارع بعدها يحكي قصة اليتيمين ..
ـ تمت ـ

ندى ،،

قصة قصيرة .. حلم مهزوم .

حلــــــــــــــــــــــم مهزوم

كانت متمردة ، جميلة ،وحالمة ولكنها تحمل قلبا جبل على هوى كل ممنوع.

احتضنته عيناها للمرة الأولى في حفل زفاف إحدى قريباتها ،كان “يحطب” مع زمرة من الرجال الأقوياء فصرعهم واحدا تلو الآخر.

حركت قلبها أنات الحسرة وأخذت مخيلتها الخصبة تقارن بينه وبين زوج شبت لتجد نفسها  تحت قدميه، لا تتذكر متى رأته للمرة الأولى ،لا تعرف عنه سوى قسوته المفرطة وعجزه عن الوفاء بمتطلبات قلب حرم من كل المشاعر منذ داسته إطارات ذكورية غاشمة تستمد قوتها من جهل يئس من رؤية نور الحق.

ابتسمت وهي تتخيل ذلك الوسيم يداعب خصلات شعرها المجعدة التي يغار منها ضوء الشمس فينعكس عليه معلنا غضبه لمعانا يعمي الأبصار،استسلمت لدفء الإحساس وأغمضت عينيها وهي تستمع لصوت ضربات “التحطيب” كأنها أغنية تصدر عن حنجرة عصفور يداعب وليفه للمرة الأولى.

كم  هو قوي ، فتي.. تنم نظراته عن ثورة تفتت ضلوعه وتبدي ملامحه الرقيقة نعومة تتوارى بين أنفاسه حتى لا يستبينها أحد فتقلل من احترامه وسطوته.

وقف زوجها أمامه قابضا على عصى غليظة لكي يتبارى معه فانفلتت منها شهقة خوفاً على حلم يكاد يسقط من بين ضلوعه كعادته دائما عندما يظهر ذلك العفريت بأحد أحلامها.

وقفت تراقب وقد وضعت طرف “الشال” على فمها خوفاً من آهة ضالة أو شهقة متمردة .

كان الحلم هو المتحكم على الرغم من قوة الزوج ومحاولته لإثبات قدرته على هزيمة ذلك الفتى الساحق لكبرياء الرجال،ليثب لها أنه وعلى الرغم من سنوات عمره التي يئست من إمكانية حصرها  إلا أنه مازال قادرا على ترويض فرسه الجامحة .

كانت تدعو الله أن يسحق حلمها الفتي رأسه أو على الأقل أن يرفع يده معلنا هزيمته حتى تتلذذ لأول مرة بملامح الخجل تطغى على  ملامح الفحولة ،تمنت أن يذل ذلك الشارب الكث الذي يفخر به أمام القرية .

جل ما تمنته أن تتخلص من ذلك القيد الذي كبلها وحولها من حمامة متباهية إلى حدأة عرجاء.

حمل الزوج بغتة على خصمه بضربات متلاحقة جعلته يخر راكعاً وقد أمسك عصاه بين يديه ونكس رأسه أمامه ،تجمدت مكانها وألقت بضفيرتها خلف ظهرها في جزع فاقترب منها زوجها وقد انتفخت أوداجه قائلاً”ياللا يا ولية كفاية عليكي كده الليله”

استرقت نظرة سريعة على الفتى المهزوم ونكست عينيها وقالت”حاضر”.

ليست لي .. ق.ق.ج.

أدخلت يدها من منطقة أسفل الظهر بين جسد و بنطال صديقتها بعد أن شدّت طرفه بـ الأخرى لتصل إلي طرف الكلوت ، ثنته ونظرت لمقاسه بدهشة .

همست لصديقتها من خلف أذنها ، هل مقاسه يناسبك ؟

لا اعلم ولكنه دائماً كان يرفضني ، ويتعذّر بأن لديه عمل في الصباح الباكر .

طلبت منها أن تتقدم خطوات لتحديد مقاس يتناسب مع تقاسيم جسدها ، اختارت لها قطعة ذات خيوط رفيعة ، بخجل وابتسامة نظرت لها ” إذا هذا الذي يختفي منه الجزء الخلفي داخل جسدي “

ربما أنه لن يذهب لعمله في الأيام القادمة .

حينما وصلت عند المحاسب نثرت حاجاتها أمامه، بدأ بتمريرها على الجهاز ، وعندما وصل إلى تلك القطعة الرقيقة ، لمحها بنظرة سريعة وبسرعتها قالت ” ربما سقطت بين الأشياء بالخطأ هذه القطعة ليست لي “

جانفي 3, 2009

صخور دموية ..قصة قصيرة .. رعب !!

قصة قصيرة

صخور دموية ..

** تقديم :
احم ..
حقيقة لا أعرف ماذا أقول
لا أحب مشاهدة أفلام الرعب مطلقا
ولم أقرأ أي من قصص الرعب من قبل
لكن شائت الظروف أن أكتب قصة رعب ..
حسنا .
باختصار .. بانتظار نقدكم 🙂
الساحر ..
** النص :
بسم الله الرحمن الرحيم
قصة قصيرة
صخور دموية ..
اندفعت أفواج الطلاب من بوابة هذه المدرسة للطلاب الثانوية في فرحة بعد انتهاء اليوم الدراسي الطويل , الحقيقة لم يكن كذلك على خمسة من الأصدقاء , ثلاثة شباب و فتاتين , إحداهما صديقة الأخرى . الأولى سماح ابنة عم مازن , و الذي له ابن خالة يُدعى هيثم , الأخير يكون ابن خال فاتن صديقة سماح و التي يكون لها باسم ابن عمتها .. قرابة متشابكة لتلك الرفقة الجميلة من الأصدقاء , الجميع في سن واحد , يدرسون القسم العلمي في هذه المرحلة الحرجة من الثانوية العامة حيث مواد كئيبة تطغى على صدور الجميع جاثمة كصخر قاس تؤرق لياليهم و تبعد الافرح عن أذهانهم , لهذا جاء باسم بفكرة أصر عليها اصرارا هذا اليوم ..
-هيا نذهب إلى الهرم ..
الحقيقة أن الأربعة الباقيين كانوا يريدون شيئا يغير من ملل يومهم الرتيب , و كذك وجود اليوم كإجازة من الدروس الخصوصية المملة أحيانا و المفيدة كثيرا كواقع جعلهم يفكرون في الأمر بجدية لولا ما تابعه باسم ..
-ليلا !
ليلا ؟! , دار التساؤل في خلد الأربعة , لم تقصر سماح في طرحه قائلة :
-لماذا ليلا باسم ؟ ألا تعرف أننا فتيات ؟!
ارتسمت ابتسامة ساخرة على وجه باسم و هو يقول :
-أعرف , لكن أعرف أنكم جميعا و خاصة أنتِ يا سماح ممن يعشقون الإثارة , و الهرم أفضل مكان لنقضي فيه الليلة , كذلك لن نكون هناك طيلة الليل , فقط سنذهب في المغرب و نعود بعد العاشرة , مجرد أربعة ساعات بين السادسة و العاشرة الليلة لن تكون بالشيء المخيف , كأنه درس أو زيارة لفاتن أو ربع الوقت الذي نجلسه نمرح سويا ..
كان التردد واضحا على وجوه الجميع , الأمر الذي يقلقهم هو أنهم لم يقوموا برحلة كتلك من قبل , بل لم يسمعوا عن أحد قام بها , لكن باسم تابع بحماسة :
-سمعت عن رحلات سفاري تذهب للصحراء , ألم نتمنى أن نخرج في إحداها ؟!
نظروا له بلهفة فتابع :
-دعونا نتخيل أننا فعلا ذاهبين إلى رحلة سافاري , هيا , لا تكونوا سخفاء !
ساد صمت قصير كسره هيثم بقوله :
-وماذا سنخبر أهلنا ؟!
نظر له باسم و قال في مكر :
-كعادتنا حين نرغب في الخروج سويا .. كان هناك درسين بدل الأستاذان معاديهما , هنا سيكون لدينا أكثر من ست ساعات تغطية على رحيلنا لأننا سنجعل الميعادين متفرقين بساعتين على الأقل , و الأمر الأكثر جمالا أننا سنأخذ مبلغ الحصتين و نجمعهما سويا و نشتري ما يلزمنا لتلك الرحلة !
ارتسمت ابتسامة خبيثة على فاتن و هي تقول :
-كم أحبك و أنت خبيث أيها الشقي !
ضحك باسم وقال :
-هذا يعني أنكِ موافقة ..
ثم استدار ببصره نحو البقية و تابع :
-وماذا عنكم ؟!
هز كل واحد منهم رأسه موافقا , الفكرة تستحق المغامرة , الساعة الآن الثانية و الربع ظهرا , تتبقى على الرحلة أربع ساعات إلا ربع تقريبا , غادر الجميع بعدما اتفقوا على المكان الذي سيتقابلون فيه .. عند سفح الهرم الأكبر في بداية الطريق المرصوف العالي هناك , و هو المكان الذي تقف فيه عربات النقل كلها عدا السياحية منها , مر الوقت بسرعة و في تمام الساعة السادسة إلإ عشر دقائق كان هيثم أول الواصلين إلى المكان ..
-يا لهم من كسالي ..
قالها رافعا يمناه كي يحدق نحو ساعته التي تومض بألوان براقة حين يشع الظلام من خلف ستائر الشمس الغاربة , ما إن شاهد العقرب الكبير يصل إلى الثانية عشر حتى شعر بمن يهتف عليه , التفت خلفه فوجد فاتن و سماح سويا , بعد لحظات من الترحيب أتى مازن و أخيرا أتى باسم ..
-متأخرا كعادتك !
قالتها سماح بتأفف , فقال باسم في سرعة :
-معذرة , أنا أبعدكم جميعا عن المكان !
ابتسم مازن و قال :
-يا للعذر الجميل , لما لم تخرج باكرا يا فتى ؟!
قال باسم وهو يتحرك صوب الأمام :
-لا داعي للحديث عما فات , أنا هنا و نحن جميعا هنا , هل أحضرتم كل شيء ؟!
هزوا رؤوسهم , ثم جلسوا كل منهم واضعا حقيبة ظهر كبيرة على الأرض و أخرجوا عدة أشياء منها , لم تمض لحظات حتى انتهى كل منهم من وضع الواقي على ركبتيه و مرفقيه كي يحميهم من الصدمات و لم ينسَ أي منهم خوذته اللامعة , وقف كل واحد ممسكا بلوح تزلجه بيمناه و نظروا نحو الطريق المرتفع و المنحدر الشديد أمامهم بسخرية .. قال باسم :
-هيا , لنمرح قليلا ..
لم يشق هذه الليلة سوى صرخات الخمسة وهم يهبطون من أعلى الطريق في سرعة جنونية , لم يكتفِ مازن بالإندفاع فقط بل قام باللولبة يمينا و يسارا , أما سماح و فاتن فقد مارستا هوايتهما المفضلة .. محاولة إيقاع باسم عن لوحه !
-يا لها من بداية ..
هكذا تمتمت فاتن حين جلسوا يستريحون بسعادة فائقة , الحقيقة أن حقيبة كل منهم كانت محملة و منتفخة من جراء لوح التزلج و الخوذة و بقية المستلزمات , أما ما تبقى في الحقائب القريبة من كونها فارغة مجرد ساندوتشات خاصة بكل فرد منهم مع زجاجات مياه معدنية , كانوا الآن يتجهون نحو سفح الهرم الأكبر حين قال هيثم :
-سمعت أنه حين نضع شفرة موس حلاقة في سفح الهرم فإنه يعود حادا كأنه جديد !
ابتسمت سماح في حين قال باسم :
-صدقني يا عزيزي لو جلست هناك طيلة اليوم فالشيء الوحيد الذي سيكون حادا هو طباعك التي ستكون أسوأ من طباعك الآن !
اندفع الاثنان يركضان بين صراخ ووعيد هيثم و ضحكات باسم و من الخلف ابتسامات الثلاثة , فقد اعتادوا على مثل تلك الأمور فيما بينهم , لا أحد يسلم من نقد الآخرين اللاذع و بالتالي فلا أحد يسلم من عقاب بعضهم لبعض !
-هيا , سنمكث هنا الليلة !
تحدثت فاتن حين وصلوا إلى سفح الهرم لكن الجميع كان منشغلا بمتابعة صراع باسم و هيثم الضاحك , فنظرت لهم باسمة و اتجهت صوب حافة احد الأحجار لتتحسه بفخر و ..
-ألن تكف عن ألاعيبك أيها الشقي ؟!
-لا , ألم تلاحظ أن طباعك زادت حدة كثيرا بمجرد مكوثنا هنا لدقائق  , فما بالك بساعات ؟!
تعالت ضحكات سماح و مازن حين قال الأخير :
-يبدو أن ابن خالك سيقتل ابن عمتك الليلة يا فاتن !
ضكت سماح بدورها و هي تقول :
-لا تقلقي يا فاتن , لن نقف متفرجين هكذا , سنبحث لهم عن سكين و مسدس حالا !
ضحكا بصورة سعيدة و استدار مازن ليقول :
-لم تخب…
بتر عبارته حين لم يجد خلفه فاتن كما كان يظن , أخذ ينظر يمينا و يسارا دون جدوى , و الظلام الذي بدأ يلقي بظلاله الكثيفة على المكان يحجب رؤيته , فصرخ مناديا :
-فاااااااااااتن !
حينها و حينها فقط توقف الصراع الهزلي ليحدق كل فرد منهم بمازن حتى سماح ثم في الخلف حيث من المفترض أن تكون فاتن هناك , نادت سماح بنبرة قلقة :
-فااااااااتن! هيا , أين أنتِ ؟!
لكن لم يجبها أحد , فركض باسم و هيثم في سرعة حتى توقفا بجوار سماح في حين تحرك مازن بعدما دس يده في حقيبة ظهره الخفيفة و أخرج كشافا كبيرا كان محط سخرية الرفقاء منه دوما , فهو ليس ككشاف يدوي عادي ينير الظلام , بل كان كشاف المستكشفين الأوائل للأحراش المصرية على رأي هيثم الساخر , تحرك مازن تحت دلالة الضوء الباهر نحو الأمام , حيث لمح شيئا يلمع هناك , بضع خطوات مرت في سرعة و عجالة و قلقه يتزايد إزاء اقترابه أكثر فأكثر , حتى رفعها بين يديه , حقا كانت كما ظن , حقيبة ظهرها ! فأين يمكن أن تكون قد ذهبت !
-فاااااااااااااااااااااتن !
صرخ هذه المرة بقلق أكبر واضعا يديه على جانبي فمه لتكبير الصوت , ركض الأصدقاء نحوه في توتر حتى وصلوا إليه فأعطاهم الحقيبة التي وجدها فحملتها سماح للحظات قبل أن ترتعش يداها و تكاد تسقط الحقيبة منها لولا أن أسرع باسم و أمسكها في حين صرخت سماح بصوت يحمل نبرة أقرب للبكاء و الرجاء :
-فااااااااااتن ! هيا حبيبتي , لقد نجحتي في إخافتنا , هيا , أين أنتِ .. فااااااااااااتن !
الصرخة الأخيرة لم تتمالك سماح نفسها و كادت تبكي لولا مساندة مازن بسرعة لها , نظرت له و تمتمت برعشة في جسدها :
-لابد أن نجدها , المكان مظلم , ربما تكون قد ذهبت هنا أو هناك , هيا !
كانت محقة , لكن في أي اتجاه ذهبت ؟ تحدث هيثم متسائلا :
-أين كانت تحديدا ؟!
قال مازن :
-بكل تأكيد أنها كانت هنا , حيث حقيبتها ..
تابع باسم الكلام بقوله :
-ومستحيل ان تكون قد مرت من أمامنا , أنا و هيثم ركضنا في اتجاهات كثيرة ولم نلمحها قط !
تمتم هيثم بتفكير عميق :
-إذن لا يوجد سوى أنها ذهبت من هنا أو هناك !
كان يشير نحو الاتجاهين المتضادين يمينا ويسارا حول جسد الهرم الشامخ أمامهم , نظروا لليمين تارة و لليسار تارة أخرى , لا يوجد سوى الظلام المخيم أمامهم , تنهدت سماح بيأس :
-صعب أن نجدها في هذا الظلام !
ثم صرخت و ضربت بقبضتها الصخرة التي أمامها صارخة :
-لماذا تفعل الغبية شيئا كهذا !
كانت القبضة من القوة بمكان حيث أدمت يدها , سالت الدماء رقراقة قطرة بقطرة على الصخرة وهي تمسك بحافتها بكلتا يديها مرتكنة برأسها على ظهريهما في يأس , تنهد باسم و هيثم في حين شعر مازن بالشفقة و الخوف , فإن بدؤوا بالاستسلام لليأس و الذعر فحقيقة عثورهم على صديقتهم وقريبتهم ضربا من المحال , حين فكر أنه يجب أن يبحث عن هدف , يجب أن يكون هناك دليل ما , شعر أن عينيه تطرفان لضوء غريب يشع من مكان أغرب , مد يمناه ليبعد سماح عن الصخرة محدقا في الصخرة أمامه وسط دهشات الجميع من حوله , كان يرى الأمر بوضوح جلي , ضوء أحمر قاني يشع من الصخرة كأن الدم يسير في تجاويف مرسومة من قدم التاريخ هناك , كانت مصعوقا للدرجة التي نظر نحو الرفقاء من خلفه يستمد منهم العون , لكن كل ما وجده مجرد شعور خاوي من دهشة ..ليست دهشة مما يراه .. لكن دهشة مما يقوم به كما شعر ..
-ماذا هناك مازن ؟!
وقف مازن على قدميه بعدما كان جالسا ثانيا ركبتيه و قال مشيرا نحو الصخرة :
-ألا ترون ما أرى ؟!
نظروا نحو بعضهم البعض في صمت مطبق , كأن لسان حالهم يقول كان ينقصنا مازن , أما مازن فكان مصعوقا لأنهم لا يرون ما يراه , حدق نحو الصخرة مجددا ليجد الضوء قد توقف عن منتصف الكلمات كما يظن , فالكلمات التي يراها لا تعطي له أي معنى , نظر نحو سماح .. نحو يدها النازفة , فحركتها سماح بعفوية منها , فقد بدأ الجميع يخاف مازن الذي يقول أنه يرى شيئا في هذا الصخر المصمت , رفع مازن يمناه و حدق فيها لثوان قبل أن يهوى بها على حافة الصخرة بقوة ..
-ماااازن !
اندفع باسم و هيثم نحو مازن الذي أدمت يداه بشدة لتغرق الصخرة و نجحا في أن يبعداه عنها و سماح تصرخ:
-ماذا حل بك يا مازن ؟! فاتن ضائعة و أنت تصيب نفسك ! ماذا جرى لعقلك ؟!
لكنه هذه المرة لم يكن معها , كان بصره كله متعلقا بالصخرة بصورة جعلتهم يستديرون إليها مجددا , كان يرى الكلمات تتضح بصورة رهيبة له , أخذت دمائه تسيل حتى أغرقت الكلمات المجوفة أمامه لتشكل عبارة نطق بها بصوت مسموع :
-لقد بدأت ليلة الفناء للجميع .. هذه مجرد بداية .. فاتنتكم الحسناء بداية .. لن تمر الليلة حتى تكون لكم جميعا النهاية .. بوم تاراتوم .. نيتارارا براديوم .. نيتارارا براديوم !
فجأة توقف مازن عن الكلام , الكلمات نفسها توقفت , لكن وقع الكلمات و صداها لم يتوقف , نظر نحو الأصدقاء بعينين ذائغتين , لم يعرف ماذا يقول , أما هم فقد تسمروا من الذهول و الصدمة , الكلمات التي ينطقها مازن غريبة , مازن , العاقل , الراشد , الواعي , ابن رشدهم كما يطلقون عليه , يقول كلمات كهذه ؟ هزت سماح رأسها في قوة وهي تقول كأنها تزيح جبلا من فوق شعرها :
-كلا , لن أصدقك ..
أشار مازن نحو الصخرة و هو يقول راجيا :
-ألا يمكنكم قرائتها ؟!
نظروا للصخرة مجددا عبثا أن يرون ما يراه لكنهم فشلوا , فقال هيثم مطأطأ رأسه في حزن :
-للأسف يا صديقي , لم أكن أعلم أنك تحب فاتن لتلك الدرجة !
نظر مازن نحو هيثم بذهول , أما باسم فقد وضع راحت يمناه على كتف مازن و تمتم :
-أتمنى أن تستريح قليلا و تهدئ من روعك , فنحن سنجدها . لا تقلق !
ظل مازن يحدق نحو هيثم بشرود ذاهل , كيف يفكر فيه هكذا , كيف لا يرون الكلمات , استدار مجددا نحو الصخرة و لكن هذا المرة شعر بغرابة فيها , فالكلمات لم تعد موجودة , بل شعر أن الصخرة بدأت تنبض بلون أحمر غريب , بعد لحظة تالية شعر أن عليه أن يصرخ , فالصخرة تموج سطحها ليخرج منه مخلوق بشع للغاية , ما إن خرج رأسه و نصف صدره و يديه حتى امتدت يداه في سرعة نحو أقرب الناس إليه .. نحوها ..
-سماااااااااااااح !
صرخ مازن محاولا الوقوف و القفز ليدفع سماح بعيدا عن الخطر المرتبص بها , لكنه كان متأخرا , فبين إمساك هيثم و باسم له و تحرك سماح للخلف تلقائيا منها لشعورها بالخوف منه مع تحرك يدا المخلوق في سرعة شديدة جعلت مهمة إنقاذها مستحيلة !
-يا للهول !
تمتم باسم هكذا حين شعر أن سماح تجحظ عيناها أمامه , فاعتدل هيثم محدقا بنظرات زائغة صوب سماح التي بدأت في التحرك للخلف زاحفة سابحة في الهواء أمامهم لكن مسحوبة بواسطة ذراعي المخلوق الكريه هذا في عيني مازن الذي لم يقف صامتا و انقض بسرعة الصاروخ على سماح يجذبها من ذراعيها و هي لا تزال تسحب للخلف ..
-باسم , هيثم .. هيا بسرعة ساعدوني رجاءا !
تغلبا سويا في سرعة على ذهولهما و انقضا في سرعة يمسكان بسماح و يحاولان جذبها , للحظات لم ينجحوا لكن بعد ذلك بدأت سماح تتوقف عن الحركة , بل و بدأت عيناها تشع بنور الحياة مجددا و تعابير وجهها صارت ترسم أبشع وجه رآه الأصدقاء لها في حياتها .. وجه شخص على ..  حافة .. الموت !
-لن أدعك تأخذها يا لعين !
صرخ باسم في شدة , فحين أمسكا بسماح استطاعا رؤية ما كان يقدر مازن على رؤيته , حينها ترك سماح , قفز فوقها و انقض راكضا صوب الصخرة , وسط ذهول الآخرين اصطدم بالصخرة التي امتصته فورا في موقف تعالت فيه صراخه و معها سقط جسد سماح أرضا و تكور مع جسديها للوراء بعيدا عن الصخرة نتيجة ترك الذراعين لسماح في آخر لحظة لتقبض على من دفع حياته تضحية لسماح ..
-ما .. ما.. ماذا ح .. ح.. حدث ؟!
تمتمت سماح و جسدها يرتعش مما تراه , فالدماء صارت تغطي الصخرة و المنطقة التي أمامها , و صرخات باسم لا تزال تتردد صداها في آذانهم , نظرت سماح بجسد مرتعش و يدين تقبضان على كتفيها و جسدها المرتعش نحو الآخرين حيث يجلس هيثم صامتا مرتعشا و مازن يقف بصمت و ذهول بلا أية تعابير أخرى وجهيهما , نظر مازن إليها ثم إلى هيثم و قال بصوت مخنوق :
-يجب أن نرحل من هنا و نطلب العون فورا .. هيا !
اهتز جسده للحظات كأنه كان يحدث نفسه بصوت مسموع قبل أن يقول بجدية :
-نعم , يجب , هيا !
قالها بصوت بدا أشبه بمحاولة للصراخ , لكنها كانت نبرة كفيلة بتنبيههم للخطورة في البقاء هنا , ما إن حاولت سماح الإرتفاع عن سطح الأرض بجسدها لتقف على قدميها حتى شعرت بإهتزاز الأرض أسفلها , نظرت برعب نحو الأمام حيث الصخرة التي بدأت تومض من جديد , لكن هذه المرة كان الإهتزاز أعنف تحت قديمها , صرخ مازن :
-هياااااااااا !
ركض ماسكا بيدي سماح و هيثم يجرهما في سرعة ركضا فتبعاه دون تفكير , صاح أثناء ركضه :
-لا تحدقا بالخلف !
قالت سماح بنبرة باكية :
-الى أين سنذهب ولمن ؟!
نظر مازن لهيثم الذي هز رأسه و نظرا للخلف سويا , فوجدا الكائن خلفهما بهيئة الصخرة المكعبة و ذراعين تندفعان من الصخرة النابضة بالقاني و تصدعات بالأرض تبرز في أي مكان تتحرك فوقه الصخرة التي تتدحرج كأنها كرة تهوى من سطح أملس مائل مرتفع , كلوحات تزلجهم الخاصة , استدار مازن نحو الأمام ليلمح الفارس العتيد أمامهم , حارس أكبر مقابر فرعونية على وجه الأرض ! إنه هو , أبو الهول الشامخ الرابض أمامهم , لعل سر وجوده يكون سبب في إنقاذهم , قال مازن وهو يضغط أكثر على قدميه :
-من هنا , هيا !
فهما في سرعة ما انتواه , لا يوجد مخرج لهم هنا سوى أبي الهول , تحركوا ركضا و أنفاسهم تتلاهث معهم , لم يسمعوا إلا صوت أنفاس هذا الكائن خلفهم يعلو و يعلو دلالة على قربه منهم , و صارت اهتزازات الأرض أقوى و التصدعات أعنف , لكن رأس هذا الشامخ تقترب منهم أكثر و أكثر , صار الأمر متوترا للغاية , فسماح أضعفهم تركض متخلفة بخطوات قليلة عن مازن الذي يسابق الريح و خلفه بخطوتين عن يساره هيثم الذي لا يفتأ يحدق بين الحين و الحين في سماح كي يطمئن من وجودها جواره و لا تختفي كما فعلت فاتن , لكن الكائن صار قريبا للغاية , قريبا للدرجة التي سمعوا هسيسه القبيح داخل آذانهم يصدو بنغمات بدت كتراتيل عشقية للحومهم الطرية :
-توماتوم ديراماتوم
-تيناتوم نيتاراتوم
-سيتوم يسيبراتوم
-نيتاسوم نيتاسوم
-توم توم
-نيتاسوم نيتاسوم
ارتفع صراخ مازن وهو يقفز قاطعا المسافة الشاسعة التي تفصل بينه و بين المخلوق في سرعة , ليهبط مستديرا حول نفسه لاهثا محدقا نحو الأمام حيث هيثم صارت خطوة واحدة تفصله عن الظل الذي يشكله أبا الهول , بينما سماح ..
-سمااااااااااح .. أسرعييييييي !
صرخ مازن محمسا سماح كي تركض من مصيرها المشئوم , المخلوق يريدها , هو يرغب فيها , غاضب من الحول بينه و بين وليمته كما فعل باسم من قبل , و قد أوشك على النيل منها حقا , فنصف متر فقط هي المسافة التي تفصله عنها , و هسيسه يصدح في أذنيها بكل قوة أخارت قوتها , و مسافتها عن المكان المخصص للإنقاذ بعيدة تقارب الخمسة أمتار , القفز لن يفيد , هكذا فكرت برعب و أنفاسها تطغى على أي صوت آخر عدا صوت هذا البشع خلفها , أين أذهب , ماذا أفعل , صار صوت بكائها يعلو و يعلو داخلها عن أي شيء آخر حتى شعرت بأن قدميها ترتخيان , حرارة غريبة تسري في أوصالها و خمول غامض يصيبهما و تخدر بهما يعيقانها عن الشعور بجسدها يتحرك رويدا رويدا .. التفتت خلفها لأول مرة منذ الركض من على السفح , هناك , حيث الرعب المتجسد في كيان أحمر نابض خلفها ..
-آآآآآآآآآآآآه
-سمااااااااااااااااااااااح .. لاااااااااااااااااا !
انقض هيثم كالليث يفصل بين الحجر و فريسته , لينقض الحجر تلقائيا مفترسا هيثم وسط صرخاته كما فعل مع باسم من قبله مثيرا نافورة من الدماء أغرقت المكان بأكمله .. أغرقت سماح كذلك التي هوت على الأض من فرط هول الموقف و تدحرجت بكلتا يديها و قدميها للخلف دون أن تشعر مبتعدة عن هذا البشع الذي يقف أمامها يتلذذ بما أكله ,  اندفع مازن نحوها في سرعة ممسكا بجسدها المرتعش محاولا أن يوقفها فاستجابت معه في عجالة و هي تود الصراخ  , سقطت منه مرة لكنها قامت في سرعة معاونا إياها للمرة الثانية راكضين حتى وصلا إلى الفجوة بين يدي أبي الهول المؤدية لنفق أسفل رأسه الضخمة .. فتوقفت سماح و جسدها يرتعش رافضا الرحيل .. فأمسك بها مازن و حدق بعينيها وهو يلهث و الدموع تغرقهما :
-هيا .. هيا حبيبتي .. لا وقت لدينا !
كان يرتعش هو الآخر لكن ليس مثلها , فهو يملك زمام نفسه , أمسكت بيده و احتضنته بقوة شديدة و صوت التصدع يقترب منهما مذعنا بقرب الوحش المفترس من الضحيتين , فاحتضنها بقوة هو الآخر ناسيا ما حوله للحظات مرت كساعات , ابتعد عنها و حدق في عينيها , كانت هي من يحبها , ليس فاتن كما توهم صديقه الراحل , لكنها هي .. سماح .. من يحبها .. من يعشقها .. من يدفع عمره استعدادا و سعادة تضحية في سبيلها ..
-هل تحبني مازن ؟ هل ستدافع عني ؟ هل ستحميني ؟!
كانت نبرتها البكائية و المرتعشة مع جسدها تدفع المرء العادي للوقوع في دوامة بكاء عنيفة طاغية , حزنها كان صادقا و أملها كان باهتا و يأسها كان ملموسا لمن يحتضنها , أمسك بيديها بقوة و قال في ثقة :
-أحبكِ ! مستعد للتضحية في سبيلك ! مستعد للذود عنكِ حتى الموت !
نظرت سماح له كأنها تنظر له للمرة الأولى , ثم ابتسمت , من وقع كلماته على أذنيها ابتسمت , قالت بصوت هادئ :
-هذا ما كنت أتمنى سماعه !
ثم انقضت بفكين ضخمين على رقبة المسكين المصعوق أمامها تمتص من دمه ليسقطا أرضا و جسد مازن يرتعش من فرط المفاجأة أكثر من فقدانه للدماء تحت يد تلك المصاصة , لم تمض لحظات حتى وصلت الصخرة القانية إلى المكان , رفعت حينها سماح رأسها الذي تحول لفكين ضخمين ذو أسنان حادة و نظرت نحو السفح و ابتسمت ابتسامة ساخرة و قالت :
-كما قلت يا هيثم .. سفح الهرم يكسب الشفرات حدتها الشرسة !
ثم ضحكت و هي تتجه صوب الصخرة و ترتكن عليها , محدقة نحو مازن الذي كان ينتفض جسده بين اللحظة وأختها , نظر مازن وسط دمائه الغزيرة التي تنساب منه متسائلا سؤال واحد ..
-لماذا ؟!
ابتسمت سماح و قالت :
-لانني لست سماح ! لأنني لست تلك الطفلة الوديعة السخيفة التي تحب كل شيء و تكره كل شر ! أنا سليلة أجدادي ,استوليت على جسد تلك المخلوقة التعسة في يوم رحلتها إلى هنا منذ أحد عشر سنة ..
تحدث مازن بكلمات متقطعة و صوت يوشك على الخبو :
-هل كنتِ السبب في اختفاء الأطفال يومها ؟!
ضحكت سماح ضحكة قصيرة ثم قالت :
-نعم , لقد كانت وجبة لذيذة , أليس كذلك صغيري ؟!
خبطت براحتها اليمنى على سطح الصخرة كمن يداعب قطته الصغيرة , ثم نظرت نحو مازن الذي بدأ شعاع عينه يخبو و قالت متابعة :
-بالطبع تسأل لماذا فعلت هذا كله وماذا يحدث لك ؟ منطقي ألا تقدر على السؤال , فأنت في طور التحول , لكني سأجيبك حتى  أسلي على نفسي الوقت حتى تنتهي من تحولك .. نحن كي نتكاثر لابد أن نمنح مقدرتنا تلك لأشخاص يحبوننا حقا , أو أشخاص صغار في السن , السن الصغير هذا لا ننصح به كثيرا , تذكر هذه الإرشادات جيدا يا صاح ..
لم يكن مازن حقا في وضع يسمح له بالإستماع لتلك المخبولة , فجسده كان يتموج بصورة عنيفة كسطح ماء أُلقي فيه صخرة ضخمة , نظرت له بلا مبالاة و تابعت :
-لهذا انتظرت حتى يكبر جسد تلك المخبولة , و يعجب بها أحدهم , و قد كنت أنت ! بالمناسبة , أنا من اقترح على باسم فكرة الرحلة تلك منذ أسبوع و أخذت أضخم الفكرة في رأسه دون أن يعلم أنني موافقة , فأنا من أخبره عن رحلات سافاري تتم في الصحراء بواسطة شباب عاديين مثلنا .. وقد صدقني البائس , أمور فتيات كما تعلم , على كلٍ كان لابد من التخلص من أولئك الحثالة أولا , و قد كانت فاتن أولى تلك الضحايا ..
ثم اتجهت لتجلس على الأرض مرتكنة بظهرها على صخرتها و تابعت :
-حينها اتجهت أنت لتلمس الحقيبة خاصتها , أنت أخذت مقدرة رؤية الصخرة و ما يحدث لها من تغيرات لأنك اتصلت بالطعام داخل الصخرة , حينها كنت محتاجة لذعرك كي أذعر البقية و جاءت تمثيلية خطفي من قبل صخرتي الوديعة كي أوقع بباسم , ثم بعدها هيثم , حين تباطئت في الركض و أنت تعرف جيدا أنني أسرع فتاة في المدرسة عدوا و أسرع منك مرة و نصف , فكيف تسبقني يا أبله ؟!
نظرت نحو صخرتها و داعبتها و هي تقول :
-أبله , أليس كذلك ؟!
ثم نظرت نحو مازن الذي بدأ جسده يهدأ قليلا و تابعت :
-كنت في حاجة لأن تقول كلماتك تلك قبل أن أحولك , قلتها في وقت مناسب كما ظننت أنك ستفعل , و الآن أنت صرت مثلي .. مرحبا بك في عالم مصاصي الدماء المصريين !
قالتها و قامت من جلستها و هي تصفق فرحا للشخص الواقف أمامها , لم يكن سوى مازن , بهيئته , بمظهره , بملبسه , لكن دون الدماء على ملبسه , أو على جسده و شعره مصفف كالعادة , نظر لها مازن للحظات وهي تقف أمامه معجبة بما صنعته يداها ثم قال :
-أين صخرتي ؟!
نظرت نحو الهرم الأكبر و قالت :
-لتنادي عليها !
حدق نحو الهرم و صرخ :
-تعالي إلى هنا يا فتاة !
شعر أبو الهول نفسه بتلك الإرتجافة في جسد الهرم الأكبر الشامخ الذي يحرسه للحظات قبل أن يحدث تصدع مماثل لما أحدثته صخرة سماح لتقف أمامه صخرة أكبر و أضخم من صخرة سماح التي وقفت متذمرة قائلة :
-لمَ صخرتك أكبر من صخرتي ؟!  ليس عدلا , أنا من أتى بك ..
تمتمت بكلمات غير مفهومة ثم قالت بضيق :
-هيا , علينا أن نزيل كل الآثار في ثوان و نغادر المكان , لدينا تغطية ممتازة , الدرسين لم يتم انعقادهما و لم يحضر الثلاثة غيرنا .. هيا
قبل أن يتحرك مازن تسائل :
-ماذا سنفعل الآن ؟!
نظرت سماح نحو القاهرة الكبرى فيما حولها و قالت بنبرة سعيدة :
-علينا أن نحول السكان إلى أقران لنا , و نقتل من لم نقدر على تحويله !
تسائل مازن :
-لكن ألن يشعروا بنا ؟!
ابتسمت سماح و قالت ساخرة :
-لا , لن يشعروا , فهم لا يشعرون بشيء من الأساس .. لا تقلق .. هيا ..
وغادر الوحشان نحو المدينة الرابضة أمامهما لبدء معركتهما الشرسة .. و يا لها من ليلة !
انتهى
أحمد خشبة .
8\4\2009
1:12 p.m.

ديسمبر 29, 2008

المجموعة القصصية : في عبق قهوتي الصباحية .. كاملة ..

السلام عليكم جميعا
كيف حالكم ؟
حسنا , أنا لا أحب القصة القصيرة , كتاباتي فيها قليلة , بل نادرة , و حين أكتب يظنني الجميع أكتب ألغازا , لهذا لا أحبها ..
لكن هنا الوضع مختلف ..
جاءت كتابتي للمجموعة تلك في ظروف خاصة للغاية , حيث الشعور الأسمى في الوجود , شعور الحب الرقيق , الدافع الأقوى لتحريك طاقات الأديب , اندفعت في قوة أخط بيداي في غضون نصف ساعة كلمات تلك المجموعة القصصية ..
ربما تتساءلون عن علاقة القهوة بالورود الحمراء .. الإجابة تكمن حين تقرؤون المجموعة ..
خمس قصص , تتبع الطابع الرومانسي , تتحدث عن مشاعري الخاصة , عن عواطفي , لا أدري إن كانت ستعجبكم أم لا , لكنها تعجبني ..
سأنشر بعد إذنكم أربع قصص فقط , و سأبقي الخامسة لدي , فهي مفتاح اللغز و حل شيفرة المجموعة , وهي ملكا لي و لقلبي و لمن تستحق قلبي ..لتصبح .. الخامسة المفقودة إلى الأبد ..
سيدتي , أستسمحكِ عذرا في أن تدعيني , أُطلق ما بداخل قلبي , اتركيني , أتحرر , اتركيني , أحلق ..في فضاءات الكون المظلم , لأنيره من داخل قلبي , بضوء أخاذ ساطع , مُقتبس منكِ .. حبيبتي ..
أترككم مع المجموعة , وأولى القصص , متمنيا أن تعجبكم ..

************

القصة الأولى … كليوباترا العرش الحزين .

تهاديت في خطوتي علني أصل سالما إلى داخله , أخذت أرنو حتى وصلته , مقهى أعرفه , اعتدت دوما على أخذ قهوتي الصباحية الدافئة التي تمدني بالنشاط فيه , رنوت من مقعدي المفضل , و كما هي العادة , صوت أنثوي عذب يشدو في الجوار , لا أتذكر أنني أعرف صاحبته , أو أتذكر شكلها أو هيئتها ,لكنها أدخلت في جسدي النحيل البارد قشعريرة دافئة , كرياح الصبا الجميلة , اندمجت مع الألحان الهادئة التي تشدو عليها أغنيتها , و بكل حيرة لم أعلم ما تعنيه , لكني أفهمه , ربما أكون مجنونا ,لكن مجيء النادل بكوب قهوتي الصباحية المعتادة دون أن أطلبها كان كفيلا بإخراجي من هذه التساؤلات للدخول في تساؤلات أهم , هل سأدخل في عبق قهوتي الصباحية كالمعتاد أم لا ؟ لكن ما هو المعتاد ذلك , أنا لا أتذكر , لهذا نفضت التردد و لمست جدران كوب قهوتي لأستشعر دفئها , و الذي أمدني بطاقة غريبة , و معها جاءت أفكاري الضائعة ..كليوباترا العرش الحزين ..
يقولون أنك كلما ارتشفت من قدح قهوتك الساخنة في الصباح , فأنت تشعر بتجربة مرت عليك من قبل , لكني لم أقرب قهوتي الموضوعة أمامي بعد , لم أحتسي منها ولا رشفة واحدة , لكن على ما يبدو أن تلك الأبخرة المتصاعدة من فوهة هذا الآتون قد تغلغلت داخل خياشيمي , موقظة عقلي الباطن المدفون في أعمق أعماق الكهوف المخية , لأجد نفسي أتمرجح بين ذكريات الماضي , لأعيش تجربة لم أعشها قبلا , تجربة شخص يُدعى .. أنطونيوس .
يا له من محب , ألا يمل من محبوبته ؟ .. أرأيت كيف يتلصص عليها دوما بنظراته ؟ .. لقد صارحت أختي اليوم بما يفعله نحو محبوبته , وقد بدت رغم احمرار وجهها و خجلها أنها غاضبة من هذه الفعلة الشنعاء ..
مهلا , هل صار الحب جريمة في هذا الزمان ؟! أم كانت الطبائع البشرية حائلا بين قلبين تعاهدا على الحب و اجتمعا عليه ؟
صحوت من غفوتي اللحظية الزمنية لأعود إلى جوانب أمكنتي الدافئة , حيث أخذت الأبخرة تتوغل أكثر فأكثر , كم توقفت كثيرا أمام أسطورتيهما , أسطورة الحب العذرية , أنطونيوس , الفارس المغوار , في الحب فارس , في القتال فارس , لكن لم يكن فارسا مكتوبا له النجاح , لم يقدر على إكمال السباق , فقلبه توقف من فرط حبه , أو هكذا خُيل لي ..
محبوبته , كليوباترا , جميلة الجميلات , معشوقة أبدية في محراب الحب العذري , لم تستطع أن تجاري رياح القدر , فتهاوت بأشرعتها مرة بعد مرة في بحر العشق العميق , و يا له من عمق ..
انتبهت على أنغام موسيقى تطرب على أذناي , لم أستطع أن أتوقف عن ملاحقة الموسيقى الهادئة , التي أخذتني في جولة أخرى داخل محراب حبهما , أراقبهما و هما يلتقيان أول مرة , نظرة الشغف و الفضول المعروفة و المعهودة , سحابة تهوي بيني و بينهما ليظهرا بعدها في مشهد مقابلة حنونة , يتهادي فيها الفارس مطأطأ رأسه و جسده في احترام و إعجاب بتلك الحسناء التي تحدجه بنظرات .. , يا لها من نظرات , بعدها عناق طويل , فهمس خفيف , فكلمات لا نهاية لها من بداية , فدموع الفراق و العناق و الخوف و الاشتياق , فأخيرا جثمان فارس كان يقاتل في جيوش الحب ضد جيش الكراهية , مدافعا عن راية الحب السامية , لكنه هوى , و هوت معه أحلامه , ورايته , و بطرفها عنق محبوبته ..
اهتز جسدي تحت ما رأيت , لأجد أصابعي تتلاعب بطرف الكوب الموضوع أمامي , لأنتبه على صوت أنثوي رقيق , يسألني في رقة و عذوبة :
ماذا تريد سيدي أن تسمع ؟!
نظرت لها في خشوع معترفا بجمال الأنثى الحقيقي , لكن دمعة من عيني أبت ألا تنزل احتراما لنضال المحبين , فابتسمت رغم دهشتها و قلت :
فلتعزفي لي .. سيمفونية كليوباترا ملكة العرش الحزين ..
وقد كانت سيمفونيتها لا تقل روعة عنها , لا جمال , لا حزن يفوق ما شعرت به من تدفق خلاب لأنغامها , امتدت أصابعي مقبضة على الكوب في قوة و ارتشفت أولى القطرات الساخنة و أنا أتمتم داخلي :
فلتعيشي حرة أبية يا ملكة العرش الحزين ..
ويا له من عرش , ويا له من حزن ..

************

إنبثاق شمس الحب ..القصة الثانية ..

أوليس كل عاشق على القلب متيم ؟ابتدأت السيدة الرقيقة في هذا الركن الهادئ أطروحتها الغنائية بهذا التساؤل الغريب , الذي كانت غرابة انبثاقه داخل رأسي كشمس فجر جديد , شعرت بدفء تشككت أن يكون ما احتسيته من رشفة قصيرة من قهوتي سببا فيه , لكني سرعان ما هززت رأسي مزيلا بقايا هذا التفكير , إذ رأيت أمامي أنثى و ما أجملها , تحمل رسالة وما أرقها , و بعينيها دموع و ما أثقلها ..
كم أحبك يا هلواز !
كان اسمه محفورا , ليس على الورقة المهترئة التي تحمل الكلمات , ولا على الغلاف المطلى بذهب أو هكذا تهيأ لي , لكن على جدران قلب من أبصرها أمامي , هوت , على فراش الموت الأسود , كوردة ناعسة حمراء , أصابها اليأس في مقتل , لتسيل دمائها الذكية مكسية إياها هذا الثوب الفاتن , لكنه أسود رغم عن ذلك كله , ولا تسألني السبب , فلست بمن يعرف خبايا النفوس ..
أو ليس كل قلب دام له جرحٍ
بيد العشق له على جدرانه بصماتِ
تابعت العاشقة أغنيتها , ولذهولي , كانت هي , الفتاة الرقيقة , نفسها الفتاة المذبوحة , حتى أنني ظننت أنني شربت شيئا ليس بالقهوة منه قطرة , لكن قلبي رفض هذا التفكير الشرير , تفكير كون الاثنين واحدا , و ليس التفكير الأخير ..
وجدت نفسي أعود مرة ثانية إلى جدران المقهى العتيق , أشعر ببخار القهوة تلفح وجهي بيد ناعسة , تحاول محاولات باهتة أن توقظني , لكن هيهات , فلقد بلغ الشغف مني حدا جعلني أهلل , يا محبة العشق استيقظي , لا حياة دون عشق و لا عشق دون حياة , لا تسلسلمي , أفيقي ..
لكن على ما يبدو كنت أنا من يحتاج لإفاقة , فتلك الرقيقة دست يدها أسفل وسادتها السمراء , لتخرج شيئا لمع نصله في وجهي , شعرت أن قلبي من سيُدق عنقه توا و ليس عنق قلبها , لكن لم تفلح صرخاتي , لم تنجح توسلاتي , يا أميرة العشق أفيقي , لا تحزني , لكن هيهاتِ , كنت أنا من يحتاج حقا لإفاقة , فخنجرها ما إن ارتطم بصدرها , حتى شق أضلعها , ليندس كالثعبان داخل جرابه الجديد , و كأن القلب ينتظر تلك الفرصة , فترك وظيفته ليقبض على وظيفته الجديدة كجراب من حديد , هويت على الأرض من فرط ذهولي , من خوفي , من حزني و ارتعاشتي , لكني لم أهبط إلا على المقعد الوثير , داخل جدران هذا المقهى الجميل , لتتابع الرقيقة شدوها الحزين :
وكم من نفس هوت داخل بوتقة العشق الأليم
حتى ترددت أصداؤها بجدران المعبد القديم
لا تبتئس من كل عشق فشل في الترانيم
فهي ترانيم حب باندفاع ضوء الصباح الكريم ..
شمس ترائت لمن أبصرها غائبة في الغيوم
لكنها كانت درة متلألأة بين أصابع المكلوم ..

نعم , شمس تلألأت داخل أصابعها , بل من داخل قلبها , لقد رأيتها , ضوء أخاذ دفعني من غفوتي , ليدفعني داخل صحوي و يقظتي , لأراه , كائنا سرمديا أبيضا لا ملمس له و ليس بالسراب , ابتسم في حنان و رقة , ليختفي و معه الشمس في الأزقة , تراه هناك , و هنا , تركض ورائه كطيف قنديل قديم , لم يكن أكثر عتاقة من المكان الذي أنا فيه , حيث مقهى قديم , أقترب لأحتسي رشفة جديدة , و معها في كل مرة مغامرة مريبة ..

************

القصة الثالثة .. رياح العشق القديم ..

ارتشفت قدرا جديدا من هذه القهوة الجميلة طيبة المذاق , لأعود بظهري مستكنا , متنهدا , مخرجا نفسي من بوتقة الحزن الأليم , منهيا هذه الحالة مع نهاية الأغنية الجميلة للرقيقة صاحبة الصوت العذب , فكرت فيها لوهلة , تُرى ما شكلها ؟ لم أرها حتى الآن , فقط رأيت صورة جميلة لا أتذكر ملامحها , يا للعجب , كيف هذا ؟! , لكن لم أكترث ؟! أهو الفضول الإنساني ؟ أم أنه مجرد شهوة بلا يقين ؟ اتخذت قراري , و قلت لنفسي : لابد من أن ألمح وجهها ولو طرفة عين , من يدري ربما أكون أعرفها من مكان لا يدركه عقلي , أو من ذكرى لم ينساها قلبي , كدت أستدير , و للصوان الجميل أعتدل و أحدق , لولا هبوب تلك الرياح الموسمية , الحارة الرطبة , لا تسألني كيف لكنها كانت هكذا , فأفقت على هذا الشعور الغريب ..-كم أعشقك , لكن لا مجال لدينا ولا وطن , كلها غربة , حتى الحنين إليك صرت أراه بالشعور الذي لا أستحقه !
-حبيبتي , لا تبتعدي رجاءا , أتوسل إلى قلبك الرقيق ..
-لا تحدث قلبي , إنه الضحية هنا , فقط حادث عقلي ..
-وهل كان لهذا الكائن من وجود بيننا من قبل حبيبتي ؟
لم تجبه و انصرفت , و سيقانه على الأرض انحرفت , لتجد مثواها الأخير , على الثرى , لتندفع في شهقة و صراخ , و الأخير كانت على حال الحبيب , الذي فارق الحياة , و عيناه معلقة بصورة الحبيبة , معطية له ظهرها في إشارة عن الرحيل , فآثر الرحيل نهائيا , ربما , يكون هذا تخفيفا عن عذاب الفراق و القلب الجريح ..
ابتلعت ريقي في صعوبة , لماذا ؟ وكيف ؟ ألم تحبينه ؟ ألم تعشقينه ؟ لماذا لم تقفي معه أمام الرياح العاتية ؟ لماذا آثرتي السلامة و الرحيل ؟!
وجدتها كمن سمع همساتي , شهقت , تخيلته شبحا , لحبيب مضى و رحل و فارقها , أو ربما , تخيلت صرخات مثيلة كصرخاتي , أو ربما كان شبحه بالكاد يفارق جسد الحبيب , ليطرح تساؤلاته في نهاية الطريق , و يا لها من نهاية , تشبثت به , بدت كمن يتشبث بقشة على سطح المياه الغزيرة , لست أنا من تركك حبيبي , لست من كان سيبتعد , كنت أحبك , ولازلت أحبك , و الحب تضحية , و لن أدعك تموت أمام عيني في سبيل العيش معي للحظات من سعادة ..
قاطعتها بضحكة حزينة أصدرتها , كيف تقولين هذا , لقد مات كمدا من فراقك , ألم يكن الحال الأول أفضل بكثير ؟
اهتزت في شدة و انفعال , لم أعرف كيف تسمعني , أو ربما كنت أنا الشبح , أو ربما كنت صاحب الجسد القتيل , لم أعِ ما أقول , فقط وجدتها تصرخ باكية , جاثمة على جسده , ممسكة بتلابيب ملابسه , صارخة في قوة , بل كانت في حزن :
-لم أقصد حبيبي , لم أقصد حبيبي , لم أكن أقصد صدقني , ارجع لي رجاءا , لن أفكر هكذا مرة أخرى , كيف تظنني سأرحل ؟ كنت سأعود , كنت سأعود , لا أقدر على الرحيل , فكيف تقدر أنت , كيف ترحل عني و تتركني ..
لم أستطع أن أتابع , اهتززت في مكاني للحظة , فوجدتها تقوم , من على الجثمان و تتركه , لكن تستدير , ملقية نظرة أخيرة على هذا الشاهد الرخامي , حيث مذيل في أسفله اسما و رقما يعبر عن تاريخا , لا قيمة لهما لمن كتبهما , لكن له قيمة عند من يقرؤهما , هبت رياح موسمية , حارة رطبة , أطارت قبعتها و ملابسها التي تشكلت حول جسدها , لأجد جسدا رخاميا , يا لها من حياة , حياة البعد عن الأحبة , ويا لها من رياح , رياح العشق القديم .

************

القصة الرابعة .. لقاء الموتى ..

أمسكت بفنجان قهوتي أكبه داخل جوفي محاولا إفراغه , لكن سخونته كادت تحرق لساني الغض فتوقفت في ثوان , لم أعِ ما كنت أقوم به , فقط انتبهت إلى تلك الموسيقى الهادئة الحزينة , شاعرية للبعض , مؤلمة للآخرين , و أنا منهم , توقفت عن الحنق و الحزن لأتسائل , لماذا أشعر بهذا الشعور المؤلم لتلك الأغنية الأجنبية :LADY ..انطلقت السيدة الرقيقة تشدو بتلك الأغنية , ما إن سمعت أولى حروفها حتى شعرت أن غصة احتقنت بحلقي , أو أن قلبي قد ترك صدري ليلتصق بجوفي , أو أن عقلي قد هبط من جمجمتي ليستقر في حلقي , أو ليس هذا ولا ذاك ,لكنه شعور غامض , قررت أن أفكر لماذا , وليتني لم أفكر ..
سبحت داخل أمواج الأبخرة المتصاعدة من فوهة آتوني بكل إنسيابية , أبخرة ترتفع , ترتفع , ليحل محلها أبخرة جديدة , كيف يصدر هذا الصغير مثل ذاك الشيء الكبير ؟! هكذا تسائلت , لكني وجدت إجابة غريبة , ربما كان الكبير هو أصل الصغير , لكنه متخفٍ فيه , التفت حولي حيث مصدر الصوت الذي منحني الإجابة , لكني لم أبصره , أو بالأحرى لم أبصر شيئا , فقط كيان أسود معتم تماما يحيط بي , استدرت , صرخت , ركضت ,لكن ما من جديد , حتى توقفت , تنهدت , لأجد الصوت يعاودني قائلا :
هل تريد أن تعرف سرك , سبب حزنك , فلتنبش قلبك , ستجده عند .. قبرك !
قبري , اندفعت متسائلا بعشرات علامات التعجب , قلبي في صدري , ليس في قبري , لم أعرف ماذا يقول هذا المعتوه , لكن صدق هو وصرت أنا المعتوه , إذ نظرت داخلي , فوجدت فراغا كان يشغله شيء يدعى .. قلبي .. , كدت أصرخ , لولا أنني لمحت شيئا يلمع أمامي , تحركت قدماي دون قصد مني حتى توقفت أمامه , عامود رخامي مرصع بالمرمر , محفور داخله بخطوط ذهبية :
هنا يرقد القلب المكلوم , شهيد العشق و الحب , قلب الإنسان الذي أحب !
كدت أصعق من وجود اسمي , كيف يوجد قبر خاص بقلبي , كيف و كيف , لم تتسنَ لي فرصة الإجابة , إذ وجدت معولا و فأسا بجواري , فاندفعت دون قصد مني أزيح هذه الكتلة الضخمة من التراب عن صدري , لأضعها بجوار قبري , لأفتح تابوت نعشٍ مدفون فيه أغلى ما عندي , لأجده , عضلة صغيرة , بنية كما عهدته , عليها إثر قطرات من دماء , لكن , للأسف الشديد , لا ينبض .. تحركت بارتعاشة , أمسكته بيني يدي , تجولت حولي متسائلا , صارخا , لم تحضرتي الإجابة , اندفعت مقادير الدموع تنهال من مخازن عيناي , لتهبط كقطرات مطر في يوم عاصف , لأجد نفسي أمسك بشيء يتحرك , إنه يتحرك , كدت أقفز سعادة و طربا لولا أنه لم .. ينبض ! فقط يتحرك , ليقول كلمات , فهمتها فورا رغم لغتها الغريبة , و لا ريب , فهي لغة العشاق المحبين :
-حبيبتي , مدفونة في بحر العشق , مغمورة تحت الثرى بفؤادها الدامي , رجاءا أخرجها , أود رؤيتها , أود احتضانها , ولو لم أملك ذراعين !
كدت أقول أنني جاهلٌ بما يريد , لكن لمعان شيء بجواري جعلني أستدير , إنه فعلا هو , قبر جديد , بشاهد غريب , عليه رمز القلب العاجي , لم يكن رخامي , محفور بخيوط حمراء دموية , إنه هنا ترقد الفتاة الرقيقة , ذات القلب الحنون , و العشق و الوله و الجنون , هنا حبيبتي , درتي , معشوقتي , تعاهدنا على الحياة سويا , أو الموت سويا ..
تحركت في نشاط دب في أبعد الثرى عن فؤادها , حتى نجحت , كدت أشهق و تخرج روحي من فرط التعب , لكن لا بأس , تحركت أفتح القلب , لأجده ساكنا , أصغر من قلبي , رقيق للغاية , حملته بين يدي كطفل رضيع , بكل حذر , بكل وله , بكل لحظة حب حملته , لم يتحرك , لكني كنت أعرف الحل , بضع قطرات حزن سقطت من عيناي بتلقائية أصابت الهدف في مقتل , لتحيل قتله إلى حياة , لم أعرف أن دموعي قد تهب حياة , أو ربما هي تعطيه ما تأخذه من عندي , لا يهم , الأهم أنه بدأ يتحرك هو الآخر , ليتمتم بكلمات بسيطة , لكنها كانت كفيلة بدفعي لبكاء غزير , قال القلب المكلوم , يا له من يوم سعيد , انتظرته طويلا , كنت أنتظر أمد الآمدين , سعيدة , راضية , بأمل لقاء حبيبي أنتظر و أرتقب , لكن جاء اليوم المشهود , و بكل أسى الدنيا أقول , أنني لم أريده اليوم , فبعد لحظات , سنعود لعالم الجماد , و أترك قلبي و عشقي إلى الأبد , و أنا أعرف جيدا أنه لا من عودة , و لا من لقاء , يا ليتني لم أعش لهذا اليوم , يا ليتني كنت جمادا أنتظر .. و أعتقد .. في صباح كل يوم أنه هو اليوم السعيد , أبتهج و أتزين للقاء حبيبي , لكن بعد اليوم , لا زينة ,لا سعادة , فقط غيوم و غيوم و غيوم , و لا تعطيني تلك الزهور البرية الجميلة , فلتحضر لي زهورا سوداء قبيحة , لتكون مناسبة لمثل هذا اليوم المشئوم ..
تحيرت من أمرهما , ماذا أفعل لهما , موقف ما أصعب أن يكون , تتمناه وحين يكون بين يديك لا تتمنى وجوده , لأنه من بين يديك سيضيع , ابتعدت و أراهما يتعانقان العناق الأخير , مع هبوب عاصفة هوجاء , و رعد و برق في السماء , لتسقط ضربة قوية , محيلة تلك القلوب الغضة الطرية , إلى صخور , و جماد لا يفكر ولا يشعر بأجمل الأمور , بالحب و العشق و الحنين , و فوق هذا كله , انهار جسدي المسكين , على طاولة المطعم العتيق , و أمامي قهوتي , لا يتبقى منها إلا جزء ضئيل , كان أكبر مما تبقى داخل جسدي من بقايا القلب المسكين .

************

أخيرا وصلنا للنهاية ..
لا أعرف أن كانت قد أعجبتكم , فقد أثرت فيكم كما أثرت في ..
هناك كثير من الأخطاء , الإملائية و النحوية و البنائية للقصة , لكني لم أقدر على التعديل , فقط لأنين لم

أقدر على قرائتها مرة أخرى .. فبكاء واحد يكفيني ..

ستجدون شيئا يشبه الشعر في القصص , لم أكتب الشعر من قبل , لا أعرف من الأساس كيفية كتابته ,

ولست محبا له , و لم أقرأ شعرا سوى ما كان في أيام دراستي , لهذا فلا أعلم من أين أتى هذا المخلوق ,

لكني أتمنى أن تعجبكم شخابيطي فيه ..

أخيرا أتمنى أن تكون المجموعة قد أعجبتكم ..

وبالطبع أي نقد و رأي سأكون سعيدا به ..
الساحر ..

أخطاء صغيرة .. قصة قصيرة

أخطاء صغيرة
(1)
يقول أبي : أنت مقلقة . إذهبي إلى الكلية بالإيشارب .
تقول أمي : لا تضعي أحمر شفاه .لا تضعي بودرة .
يقول جدي ويده ترتعش :
لا تجلسي مع شباب ؛ ففيهم مكر ، وفسوق.
( 2)
قال لي خالد : أحبك .
مد يده وأخذ يديّ في راحتيه .
أحسست بالأعشاب تتكسر تحت جسدينا .
وبعصفور ينطلق صوب الجحيم المستعر في الأفق البعيد .
فهمت الآن لماذا تنجذب الفراشة للهب ؟
مددت ساقي بعيدا عن شجرة الجميز البنغالي.
أغرقني في بحر بلا قرار .
هما عيناه العسليتين .
( 3)
لم يكن مسموحا لي بالذهاب في رحلة الكلية إلى الأهرام .
قلت أنني ذاهبة للكلية .
كذبت على أبي وأمي وجدي .
تحت سفح الهرم حدق في ّ أبو الهول طويلا .
داريت شعري بالإيشارب ،خبأت عنقي تماما ..
مد خالد يده ونزع الإيشارب
قبلني عدة قبلات سريعة ..
.. فقمت مسرعة والدموع تملأ عينيّ .
( 4)
في طريق العودة .
أقسم لي أنه لم يقصد إهانتي .
وطلب أن أسامحه من أجل حبنا .
سألني ماذا أفعل ليكون شعري بكل هذا السواد ؟
وضع يدين مرتعشتين فوق يدي الغاضبتين.
مس ركبتي بأدب .
أحسست بأن كياني كله يرتجف
لم أعرف لماذا بكيت ثانية ؟
( 5)
سألتني أمي فور عودتي : ما سر هذا الشحوب البادي على وجهك ؟
قلت وأنا أقذف بحقيبتي على المقعد:
المناهج صعبة جدا يا أمي .
لا أفهمها ، وبكيت في حضنها الدافيء .
قمت وغسلت وجهي
حاولت ان أمسح قبلاته من فوق وجنتيّ وشفتي ّ .
لم أستطع أبدا .
نظرت من النافذة . ورأيت الشمس تأفل .
18/ 2/ 2006

عشرة دراهم, قصة رعب

” ما الذي يفعله بالضبط ؟ “

يتردد السؤال في ذهنها وهي تراقبه بخوف
هادئا كان يداعب (تامر)
يخرج قطعة نقدية من جيبه
عشرة دراهم
قطعة على شكل حلقة صفراء تحيط بقرص أبيض
حين رأتها شعرت بقشعريرة باردة تعبر جسدها كتيار قوي
يقذف بالقطعة في الهواء ليلتقطها على ظهر يده
ويقول لإبنهما (تامر) :
– ملك أو كتابة ؟
تشد على أسنانها بغيظ وألم
هو يفعل هذا عن قصد
يعذبها به
لم يتبادلا الكلام و لا مرة .. إنه حتى لم ينظر إليها
كما لو كان يتجاهل وجودها من الأساس

على طاولة الغذاء كان ينتظر
طفلهما (تامر) بين ركبتيه
تضع الأطباق على المائدة وهي لا تكف تراقبه بنفس الذعر
يضحك بفرح غريب مع (تامر)
يداعبه كما لم يفعل من قبل
ويخرج القطعة النقدية من جديد
على المائدة الخشبية المصقولة .. يدير القطعة بسبابته وإبهامه
وتدور حول نفسها القطعة النقدية
تدور..
تدور..
تزداد سرعتها مع كل دورة..
وتزداد..
وتزداد..
وهي تقوم بحركة لولبية فوق سطح المائدة..
قبل أن تتهاوى فجأة..
للصوت المعدني في أذنيها وقع مختلف..
رنان..
مؤلم..
يتناولان الغذاء دون أن يتبادلا كلمة
ينقل الطعام إلى طبق تامر بنفسه ويحثه على الأكل
مستمرا في تجاهلها

كانت تحترق من الداخل ببطء
وألم
ترى (تامر) وكأنه يتجاهلها بدوره
ألم يجد ضالته في صحبة أبيه؟
وهو الذي كان يعاني من فقدانه صحبته كثيرا
الآن هو معه طوال الوقت
لم تعرف كيف لم يذهب للشركة منذ خمسة أيام متتالية
لكنها استنتجت أنه طلب إجازة
ربما لأول مرة في حياته يطلب إجازة
تتساءل كيف سيمر اليوم وهما على هذه الحال؟
منذ خمسة أيام وهو على هذا الحال معها .. لا يغادر الشقة
يراقبها
يلهو بالقطعة النقدية .. ومع (تامر)
يعذبها
ينتقم .. منها
كانت ترتجف لفكرة أنهم على موعد الليلة مع عائلتها
موعد الزيارة الشهرية لعائلتها
ما يعني أن عليها أن تعد طعام العشاء للعائلة
أبوها .. أمها .. أخوها .. زوجة أخيها..
لم ترد أن تطلب منه نقودا لشراء بعض الأشياء ..
لكنه فهم ما تفكر فيه

على طاولة المطبخ رأت المصروف الذي تركه هناك وهي تغسل الأطباق
المبلغ كله بقطع نقدية من نفس القيمة والنوع
عشرة دراهم
تراجعت بذعر لمرأى القطع النقدية
لن تحتمل هذا بعد
أرادت أن تبكي
أن تصرخ
لكن الدموع أبت أن تفر من عينيها
وكتمت صراخها بقوة القهر

نادت البواب ليشتري الحاجيات وعادت لتقوم بتنظيف الصالون

بينما هو كان يلهو مع (تامر) على جهاز اللعب في غرفته

كان ضحكات الفتى تصل أذنيها
فتتعذب
تحترق حية كأنها في جحيم حقيقي

كان مائدة العشاء معدة على أحسن ما يكون الإعداد
وكان الجميع سعيدا .. نشيطا .. باستثنائها هي
حتى هو
يتحدث مع أبيها بحميمية غريبة ..
وكأنه يسخر منها
طبعا هو يسخر منها

لاحظ أخوها أنها ذابلة .. شعر بمعاناتها
لكنه لم يعرف كيف يتصرف
” لن يستطيع فعل شيء ” .. قالت لنفسها
في وقت ما من العشاء .. أخرج زوجها القطعة النقدية
هنا جمدت مكانها من الرعب
تحول قلبها إلى مضخة قوية تضخ الماء المثلج في عروقها
تعلق كيانها كله بشفتيه
سأل ببراءة موجها كلامه لأبيها :
– هل تعرف يا عماه لماذا تبدو قطعة النقود وكأنها تدور بطريقة متسارعة على الطاولة ؟

وأعقب قوله بأن أدار القطعة المعدنية بسباته وإبهامه على السطح المصقول للمائدة

قال الأب وقد اندهش للسؤال :
– لا … ربما لأنه خداع بصري؟

هز هو رأسه نفيا وقال بابتسامة :
– أخطأت يا عماه .. ليس بخداع بصري

كانت القطعة تدور حول نفسها متسارعة وراسمة مسارا لولبيا على الطاولة قبل أن تسقط فجأة بين الأطباق

وقال وقد جذب انتباه الجميع ..
واستغرابها الفزع :
– من العجيب أن يقف العلم حائرا أمام ألغاز فيزيائية بسيطة كهذه .. نفس العلم الذي اخترع القنبلة الذرية .. وأوصلنا إلى القمر ..

قال أخوها بفضول :
– أرني القطعة ..

وعاد يدير القطعة على سطح الطاولة والجميع يتابعها باهتمام غريب .. كانت القطعة تدور
وتدور
وتدور
ثم تسقط فجأة دون إنذار
وبينما ترتسم على ملامحهم علامات الإستغراب كمن يكتشفون شيئا جديدا
كانت هي تحترق
لم تعرف ما الذي يفعله بها بالضبط لكنه ينجح

وقال وقد سلب انتباه عائلتها كلهب شمعة يجذب الحشرات الليلية :
– في أبريل سنة 2000 قام الفيزيائي الإنجليزي (كيث موفات) بنشر أول دراسة نظرية حول دوران قطعة نقدية معدنية على سطح أفقي .. ولاحظ أنه لو لم يكن هناك فقدان للطاقة فنظريا لا تتوقف القطعة العدنية عن الدوران لأن سرعتها ستبقى ثابتة
ولكن .. في الواقع فالقطعة تدور بسرعة أكبر شيئا فشيئا أثناء حركتها على الطاولة قبل أن تتوقف بغتة .. استنتج( كيث) بأن هناك فقدان للطاقة .. وبوساطة حسابات ميكانيكية بين أن تلاشي طبقة الهواء المحصورة بين القطعة والطاولة كاف لتفسير الظاهرة
ستة أشهر بعد ذلك .. فندت فرضية (كيث) .. عندما قام الباحث الأمريكي (جير فان دير انج) بإعادة التجربة في الفراغ ولخص إلى أن وجود الهواء أو انعدامه لا يؤثر على الحركة الدورانية

كان الجميع يتابع درسه كمن يستمع لحكاية مسلية .. لم لا .. بعض الفيزياء لن يضر أحدا

أما هي فكانت تشعر بالقهر ..
وتكتم في صدرها
هذا كان واضحا في حركتها العصبية والهيستيرية وهي تضرب بالشوكة والسكين طبقها بعنف
لكن أحدا من عائلتها لم ينتبه لها

وانغمسوا في حديثه العلمي الغريب :
– منذ ذلك الوقت نشأ ميدان جديد في علم الديناميكا .. وأخذ الجميع يحاول وضع خاتمة للقصة
بين الفيزيائيان الأمريكيان (ألكسندر) و(كيرك ماكدونالد) في نهاية 2000 ، وبافتراض أن القطعة تدور على السطح الأفقي ولا تنزلق ، أن الاحتكاكات الداخلية تفسر نظريا الملاحظات التجريبية
وفي فبراير 2001 قام البولونيان (ألكسندر ستانيسلافسكي) و( كاتارزينا فيرون) بتحليل الطيف الصوتي الناتج عن دوران القطعة لكنهما لم يتوصلا لشيء جديد
وأخيرا في فبراير 2002 افترض الفيزيائيان الأمريكيان (باتريك كيسلر) و(أولوفر أوريلي) ، بحسابات معقدة ، أن تشوهات القطعة النقدية والسطح .. عوامل لا بد أن تؤخذ أيضا بعين الإعتبار
بعد هذا كله .. لا زال العلم حائرا .. عاجزا عن إيجاد حل نهائي للغز ..
لكنه ، كما اعترف كيرك ماكدونالد ، لابد أن يكون حلا معقدا جدا.

بعد نهاية كلامه .. كان الساعة الحادية عشرة
وكانوا جالسين في الصالون بعد أن شربوا الشاي

وكانوا يتبادلون الأنظار لبعضهم البعض
سألتها أمها عن سكوتها الغريب فأخبرتها أنها مرهقة فحسب
لكنهم كانوا يعرفون أن شيئا ليس على ما يرام مع زوجها
وكانت خائفة من أن يتكلموا معه بشأن هذا
لذلك تظاهرت بالنعاس
هنا .. قام الأب معلنا على رغبتهم في المغادرة
ورافقهم هو حتى باب العمارة
تبادل الأب كلمات مع الزوج وهي تراقبهم من نافذة الشقة التي ترتفع إحدى عشر طابقا
تراقبهم بتوتر
وخوف
حين عاد هو .. اطمأن على أن تامر ينام بعمق .. وقصد غرفة الضيوف ليطفئ النور من فوره
بينما هي تنظف الأطباق في المطبخ وتفكر في ما يجب أن تفعله
كانت تبكي بصمت
بحرقة
وبدأت ترى الوجود كله من حولها كأنما يعاقبها
حين نظفت المطبخ جيدا
مرت أمام غرفة ابنها
فتحت الباب
ألقت نظرة على تامر النائم كملاك
ذرفت المزيد من الدموع بصمت
وخرجت ..
من الشقة.

كان الخارج باردا والنيل كئيبا كأنما يناديها لتنفذ ما عزمت عليه
وكانت تقف كالمحطمة على طرف الكورنيش
والريح الباردة خلفها تدفعها بخفة
هي أيضا تقدم لها دعما إضافيا

على الصفحة السوداء للنيل
والأنوار المتلألئة على سطحه كمئات القطع النقدية

وقبل أن ترمي نفسها

رأت كل شيء

رأت نفسها مع عشيقها في غرفة النوم وزوجها يدخل فجأة عليهما

لم يفعل شيئا
لم يقتلهما
أو يتصل بالشرطة

بقي ثابتا يرمقها بغضب

هي

هي فحسب

أمر العشيق بأن يغادر

لكنه استوقفه قائلا :
– انتظر .. لقد قضيت وطرك منها .. ادفع لها

اندهش العشيق ونظر للزوج بخوف قبل أن تمتد يده لحافظة النقود بتوتر ويخرج رقة مالية

لكن الزوج فاجأه :
– هذه مجرد مومس رخيصة .. ماذا تفعل ..؟؟ .. عشرة دراهم وحسب

عشرة دراهم

أعطى العشيق الدراهم لعشرة للزوج وغادر غير مصدق

عشرة دراهم

كل ما تساويه

عشرة دراهم

أنشئ موقعاً أو مدونة مجانية على ووردبريس.كوم.